الأحد، أغسطس 31، 2008

الرئيس محمد نجيب الذى ظلمه تلاميذه وانصفه التاريخ-3

الصفحلت المجهولة فى حياة الرئيس محمد نجيب
عاش هادئًا.. ورحل في صمت يليق بكبريائه وحبه لمصر، الذي سدد ثمنه اعتقالاً في قصر زينب الوكيل حتي وفاته في أغسطس ١٩٨٤.كان عبداللطيف بغدادي الشخصية الرئيسية في التنظيم السري الذي بدأ في الجيش عام ١٩٤٠،
ومعه أحمد سعودي أبو علي، ومحمد وجيه أباظة، وحسن عزت، وحسن إبراهيم، ثم انضم إليهم أنور السادات، ولم يكن محمد نجيب وجمال عبدالناصر علي صلة بهذه المجموعة، التي كان هدفها الأساسي معاونة الألمان لضرب قوات الاحتلال البريطاني في مصر واتصلت في سبيل ذلك بالإخوان المسلمين والحزب الوطني وعزيز المصري وغيرهم.
أما جمال عبدالناصر فقد بدأ قبل حرب ١٩٤٨ في تنطيم جماعة «الضباط الأحرار» واتصل بالإخوان أيضًا، وعدد من أعضاء الهيئة الوفدية وبتنظيم «حدتو» وبعناصر من مجموعة بغدادي في التنظيم السري وبأنور السادات الذي كان علي صلة بيوسف رشاد، وثيق الصلة بالحرس الحديدي.وقبل ٢٣ يوليو ١٩٥٢ تألفت مجموعة قيادية عرفت قبل الثورة باسم «الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار»،
وبعد الثورة باسم «مجلس قيادة الثورة» وهذه الهيئة التأسيسية، أو الضباط الأحرار كانوا: جمال عبدالناصر وعبداللطيف البغدادي، وعبدالمنعم عبدالرؤوف، الذي اعترض علي ضم السادات للهيئة وتم فصله قبل قيام الثورة، وحكم عليه بالإعدام وهرب خارج البلاد،
ومن عناصر هذه الهيئة حسن إبراهيم، وكمال الدين حسين وخالد وزكريا محيي الدين، ويوسف صديق وجمال وصلاح سالم، وحسين الشافعي وعبد الحكيم عامر، وعبد المنعم أمين، الذي فصل بعد الثورة بأشهر قليلة والمعروف أنه كان رئيس المحكمة التي حكمت علي خيس والبقري بالإعدام فماذا عن محمد نجيب،
ذلك الوجه الوطني الذي قدمت به ثورة يوليو نفسها إلي الشعب والجيش معًا؟أشترك الرئيس نجيب في حرب فلسطين وكان أركان حربه آنذاك عبدالحكيم عامر، الصديق الصدوق لجمال عبدالناصر، الذي واجه حيدر باشا وحسين سري عامر رجلي الملك في انتخابات نادي الضباط التي جاءت علي غير هوي الملك، فقام بحل هذا المجلس الذي يتحداه.
كان نجيب علي علم واتصال بالضباط الأحرار وعلي علم بعناصرهم القيادية وعلي دراية بحركتهم وأهدافها، وكان يؤيدهم، فلو كان يجهل ما يجري في كواليس الجيش والحركة معًا لما ذهب لتولي قيادة الجيش بمجرد اتصال هاتفي من الصاغ جمال حماد.وحينما كان السادات في سينما منيل الروضة «فاتن حمامة الآن»، كان عبدالناصر وعبدالحكيم عامر يرتديان الملابس المدنية يتابعان الموقف، وكل التحركات، بما في ذلك تقدم البكباشي يوسف صديق قبل ساعة الصفر بساعة كاملة ليقتحم مقر القيادة ويعتقل اللواء حسين فريد وقادة الوحدات الذين كانوا مجتمعين يتباحثون في كيفية إجهاض حركة الضباط الأحرار فباغتهم يوسف صديق واعتقلهم وأودعهم معسكر الاعتقال في الكلية الحربية ولا يعلم أحد ما الذي كان سيحدث لو تأخر يوسف صديق ساعة واحدة.
وعندما كان محمد نجيب مساعدًا لنائب الأحكام، في عام ١٩٤٢، وقف إلي جانب محمد أنور السادات حينما كان يتم التحقيق معه، وهذه الرواية صحيحة لأن نجيب نفسه نشرها في كتاب له نشره أيام كان السادات رئيسًا للجمهورية، ومحمد نجيب اعترض أيضًا علي تعيين حيدر باشا قائدًا للجيش لأنه ضابط بوليس،
ولم يذهب لتهنئته، وحينما شارك نجيب في حرب ١٩٤٨ جرح ثلاث مرات وتم استدعاؤه للقاهرة وتم تعيينه قائدًا لمعهد دراسات الضباط العظام.ثم عاد مرة أخري إلي فلسطين وتولي قيادة اللواءين العاشر والرابع، وفي هذه الفترة كان جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات وعبدالحكيم عامر يعرفون نجيب جيدًا، أما حيدر باشا فقد اعترض مرتين علي ترقية محمد نجيب، وبعد حرب فلسطين، تم تعيين نجيب رئيسًا لسلاح الحدود ثم نقل إلي سلاح المشاة.وقبل أن ينتصف ليل الثلاثاء ٢٢ يوليو ١٩٥٢ تحرك المقدم يوسف صديق واقتحم مقر قيادة الجيش وسيطر علي منطقة كوبري القبة وتقدمت الكتيبة ١٣ بقيادة العقيد أحمد شوقي ثم جاء ناصر وعامر ومن بعدهما السادات
وانتهي الجزء الأول من الخطة بنجاح في تمام الثالثة بعد منتصف الليل ثم اتصل وزير الداخلية آنذاك أحمد مرتضي المراغي باللواء أركان حرب محمد نجيب في منزله يسأله عن طلبات المتمردين، علي حد تعبيره، وطلب منه العمل علي تهدئة الموقف..ثم تلقي نجيب خبر نجاح الضباط في الاستيلاء علي قيادة الجيش، وتوجه ليستولي علي قيادة الانقلاب «والانقلاب هو التعبير الذي ورد علي لسان عبداللطيف البغدادي». وكتب الصاغ جمال حماد بيان الثورة،
وألقي عليه جمال عبدالناصر نظرة وراجعه محمد نجيب وأضاف عليه بخط يده عبارة «طبقًا لأحكام الدستور» والبيان الأصلي لايزال في حوزة اللواء جمال حماد.وفي الصباح استمع شعب مصر إلي البيان الأول للثورة بصوت أحد الضباط، وبعدها بصوت محمد أنور السادات وموقعًا عليه باسم «القائد العام للجيش اللواء أركان حرب محمد نجيب» وتلاحقت الأحداث سريعًا وفي يوم ٢٤ يوليو ١٩٥٢ تولي علي ماهر باشا رئاسة الوزراء،
بأمر تكليف من الملك فاروق، واحتفظ ماهر لنفسه بوزارات الداخلية والخارجية والحربية والبحرية، وفي صباح السبت ٢٦ يوليو ١٩٥٢ توجه الفريق محمد نجيب إلي مقر الوزارة بالإسكندرية، وقدم إلي علي ماهر رئيس الوزراء إنذار الجيش الموجه إلي الملك فاروق بضرورة توقيع وثيقة التنازل عن العرش قبل الثانية عشرة من ظهر اليوم نفسه ومغادرة البلاد قبل السادسة مساء
وقد عارض نجيب رأي جمال سالم، الذي طالب بإعدام فاروق، وبعد أن غادر الملك تنازل نجيب عن رتبة الفريق مراعاة للظروف الاقتصادية للبلاد.. وعلي ذلك فقد ظل نجيب معروفًا باسم اللواء محمد نجيب.وكانت من أهم الخلافات المبكرة التي نشبت بين أعضاء الهيئة التأسيسية الخلاف الذي انفجر بسبب موقف يوسف صديق، الذي دافع عن عودة الحياة النيابية، وعودة مجلس النواب المنتخب،
وانتهي الخلاف بفصل يوسف صديق واعتقاله في السجن الحربي، أما الصراع الكبير والحاد فقد كان بين محمد نجيب وجمال عبدالناصر، وانتهي في ١٤ نوفمبر عام ١٩٥٤، بقرار من مجلس قيادة الثورة بإعفاء محمد نجيب من منصب رئيس الجمهورية لتطوي بسرعة أولي صفحات الجمهورية المصرية الأولي.
نجيب أيضًا كان يرغب في الديمقراطية لكن الأحداث تدافعت، وظلت تتلاحق وصولاً إلي ١٤ نوفمبر ١٩٥٤، حيث أخذه عبدالحكيم عامر وحسن إبراهيم إلي المرج ليقيم في منزل كان مملوكًا لزينب الوكيل زوجة مصطفي النحاس باشا.. وفي ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦ تعرض أول رئيس جمهورية في مصر للمعاملة المهينة واصطحبه جمال القاضي ومحمد عبدالرحمن نصير إلي مدينة طما في صعيد مصر وتحفظا عليه في بيت زوج شقيقة أحمد أنور،
وحين عاد إلي القاهرة واجه مأساة رحيل ابنه علي في حادث غامض بألمانيا الاتحادية.وبعد رحيل جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وجمال سالم وصلاح سالم وأنور السادات وكمال رفعت عن دنيانا رحل من بعدهم أول رئيس جمهورية لمصر، محمد نجيب، في يوم ٢٨ أغسطس عام ١٩٨٤ جميعهم رحل... وبقيت مصر... وبقيت أمانة التاريخ.

ليست هناك تعليقات: