السبت، أغسطس 30، 2008

محبة الرسول -3

محبة الصحابة ومن بعدهم لرسول الله:
لقد نال الصحابة رضي الله عنهم شرف اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم فرأوا سيرته واستمعوا لحديثه واطلعوا على شمائله و أخلاقه فسلب قلوبهم وتمكنت محبته منهم حتى إن على بن أبى طالب رضي الله عنه سئل (كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟قال : كان أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على ظمأ)
وهذا عروه بن مسعود وهو كافر قبل إسلامه يصف تعظيم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبتهم له في حادثة صلح الحديبية بعد أن جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه فرجع عروة إلى قريش فقال : أي قوم ،والله لقد وفدت على الملوك ،وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ،والله إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ،فو الله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامه ألا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أوامره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له )
وعن عاصم بن محمد عن أبيه قال : ما سمعت ابن عمر رضي الله عنهما ذاكرا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابتدرت عيناه تبكيان
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأضاء منها كل شيء ثم مات فأظلم منها كل شيء ) وقال (ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي ثم يبكى )
(ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟):
لما مضى على الدعوة السرية ثلاث سنوات ألح أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور حتى ظهر رسول الله وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر الصديق في المسجد الحرام ليكون أول خطيب دعا إلى الله ورسوله وما إن تكلم وأدرك المشركون مغزى ما يدعو إليه حتى ثاروا عليه وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضربا شديدا فضرب أبو بكر ضربا مبرحا ووطئ وجعل عتبه بن ربيعه يضرب بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ووطئ بطنه حتى ما يعرف وجهه من انفه فحمل أبو بكر مغشيا عليه إلى بيته ولا يشك في موته وجعلوا يكلمونه فما أفاق إلا آخر النهار فكان أول ما قال عندما أفاق وهو في تلك المصيبة الشديدة التي حلت به وكاد أن يفقد حياته :ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ياالله رجل بين الحياة والموت ما يقول أول ما يفيق ؟ لم يقل ماذا اصابنى ؟ ولم يتحسس وجهه الذي اختفت معالمه وصدره الذي رض من الضرب بل كان همه الأكبر أن يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلامه أهله على هذا فلم يجبهم ولسان حاله :
أجد الملامة في هواك لذيذة حبا لذكراك فليلمني اللوم
ولم يقف عند هذا الحد بل قال بعدما علم بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأن لله على أن لا أذق طعاما ولا اشرب شرابا حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فخرج بعد أن خيم الظلام مع والدته وامرأة أخرى يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآه يقبله ورق له رقة شديدة وحال أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما قال الشاعر :
فداك روحي واحشائى وفيض دمى فداك قلب بنبض الحب موار
أكاد أقسم إن البدر يحسدكم يخشى إذا بنت أن يجفو سمار
لو أبذل الكون في كفيك غالية لما وفى حقكم بالكون معشار
(فما أصبر حتى آتى فأنظر إليك ) :
اخرج الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله انك لأحب إلى من نفسي وانك لأحب إلى من ولدى واني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتى فأنظر إليك وإذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الايه ((ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )) فتلاها النبي صلى الله عليه وسلم عليه فأستبشر ذلك الرجل
فهل تقلبت آخى السلم يوما في فراشك ولم تذق عينيك غمضهما شوقا وأمنية أن ترى حبيبك صلى الله عليه وسلم وتابعت سنته لعلك أن تظفر بمرافقته في الجنة !!
مشهد القتل :
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن الدثنه ومجموعه من الصحابة رضي الله عنهم إلى قبيلتي عضل والقارة ليعلموهم بعد أن تظاهروا بالإسلام ولكن عضلا والقارة غدروا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبيع زيد إلى قريش التي أجمعت على قتله فلما قدم ليقتل قال له أبو سفيان : أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك ؟ فقال : والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكه تؤذيه وأنى جالس في أهلي فقال أبو سفيان :( ما رأيت من أحد يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا ) رضي الله عنك يا زيد فوا لله إن هذا لهو الحب الذي تعجز عن وصفه الكلمات ويقف مشدوها أمامه البلغاء وأئمة البيان إذ ليس في قواميس اللغة ما يعبر عنه
(نحري دون نحرك ):
تزدحم مشاهد الحب يوم احد وهل يظهر الحب إلا في الأزمات فهذا أبو طلحه رضي الله عنه يرمى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد والنبي خلفه فجعل نفسي ترسا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له (بأبي أنت و امى يا رسول الله لا تشرف يصيبك سهم من سهام العدو نحري دون نحرك ) وقال قيس بن أبى حازم (رأيت يد طلحه شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ) ويقاتل مصعب بن عمير بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه اللواء حتى قتل بل حتى المرأة أم عماره رضي الله عنها انحازت إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم تقاتل إلى جنبه ودونه حتى خلصت إليها الجراح ولما اشتد القتال والرمي بالنبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم انحنى أبو دجانه رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان ترسا يقع النبل في ظهره حتى كان ظهره كالقنفذ من كثرة النبل والسهام فيه وعندما انتهت المعركة وفرغ الناس لقتلاهم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سعد بن ربيعه ؟افى الإحياء هو أم في الأموات ؟فبحث عنه رجل من الأنصار فوجده جريحا في القتلى في آخر رمق وأبلغه سؤال النبي عنه فقال سعد : أنا في الأموات فأبغ رسول الله صلى الله عليه وسلم منى السلام وقل له : أن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزي نبيا عن أمته ،وأبلغ قومي منى السلام وق لهم : أن سعد بن الربيع يقول لكم : يا معشر الأنصار انه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف ثم فاضت روحه رضي الله عنه
بل حتى النساء الصحابيات ضربن أروع الامثله في حب النيى صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم أحد وأشيع في ألمدينه أن محمدا قتل خرجت امرأة من الأنصار من بني دينار فاستقبلت بأربعة جنائز محمولة فقالت من هذا ؟فقالوا : أبوك ،أخوك،زوجك،أبنك0"لاحظ ماذا فقدت ؟!" فقالت :مافعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا خيرا يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين قالت :ارونيه حتى أنظر إليه فقالوا : هو أمامك فمضت مسرعة لا هم لها سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالى إذا سلمت من عطب وصدق القائل :
وبسمة منك تكفيني وواطربى فما أبالى أجاء الأهل أم رحلوا
(والذين اتبعوهم بإحسان ):
كان ثابت البنانى رحمه الله إذا رأى أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على أنس وقبل يده ويقول : إنها يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحيى بن الحارث مقرئ دمشق وإمام جامعها يقول لواثله بن الاسقع رضي الله عنه :بايعت بيدك هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم فقال يحيى : اعطنى يدك اقبلها فأعطاه يده فقبلها
وجلس المقداد بت الأسود رضي الله عنه يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا إننا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت انه الحب والحنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يستغرب الحسن البصري رحمه الله إن لا يوجد لدى بعض المسلمين فكان الحسن إذا حدث بقصة الجذع الذي كان يخطب رسول الله صلى الله عليه ثم تركه واتخذ المنبر فحن الجذع لرسول الله وسمع له صوت كصوت العشار (كحنين الناقة التي ينتزع منها ولدها )حتى سمعه كل من في المسجد فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده الشريفتين عليه فسكن فكان إذا حدث بهذا الحديث فقال يا معشر المسلمين الخشبة تحن لرسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه
وهذا الإمام مالك رحمه الله إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وقال مالك عن محمد بن المنكدر "لا نكاد نسأله عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم أبدا إلا يبكى حتى نرحمه " وكان مالك إذا أراد أن يخرج يحدث حديث رسول الله صلى الله عليه ويلم توضأ وضوءه للصلاة ولبس أحسن الثياب ولبس قلنسوة ومشط لحيته فقيل له في ذلك فقال أوقر به حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان سعيد بن المسيب رحمه الله يقول وهو مريض : أقعدوني فأنى أعظم أن احدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع
وقال الإمام احمد رحمه الله ما كتبت حديثا إلا وقد عملت به حتى مر بى أن النبي صلى لله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينار فأعطيت الحجام دينارا حين احتجمت

ليست هناك تعليقات: