الأحد، أغسطس 31، 2008

الرئيس محمد نجيب الذى ظلمه تلاميذه وانصفه التاريخ-2

شاهــــــــــــد على الاعتقال
عن وقائع وملابسات اعتقال أول رئيس لجمهورية مصر عام ١٩٥٤ يقول المستشار إبراهيم فهمي فرج، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق:
«عايشت الأحداث مع نفر قليل من المسؤولين، وكنت وقتئذ وكيلاً لنيابة مركز الخانكة، التابعة لحي المرج، الموجود به فيلا السيدة المرحومة زينب الوكيل التي حددت إقامة الرئيس نجيب فيها في نوفمبر عام ١٩٥٤ وكنت في النادي الأهلي أشاهد مباراته مع نادي الاتحاد السكندري، واتصلت تليفونياً بمركز الشرطة للاطمئنان علي الأمور، فأخبرني ضابط المباحث بضرورة حضوري فوراً لأن قصر السيدة زينب الوكيل سرق، فأمرت بانتداب مأمور المركز لمباشرة التحقيق،
وعرض الأوراق علينا، في اليوم التالي فحدثني أحد كبار ضباط القوات المسلحة وأخبرني بأن الأمر بالغ الأهمية ولا يستطيع الإفصاح عنه في التليفون، ورجاني أن أحضر بنفسي فذهبت أنا وزميلي وكيل النيابة في سيارته الصغيرة إلي المرج، وهناك فوجئنا بقوات من البوليس الحربي ورجال الأمن تحاصر المنطقة،
وكان الوزير كمال الدين حسين موجوداً وأخطرنا بأن الرئيس محمد نجيب تم استبعاده من رئاسة الجمهورية وحددت إقامته في قصر السيدة (زينب الوكيل)، ولأن القصر مصادر ضمن ما صودر من أملاك السيدة (زينب الوكيل) بحكم محكمة الثورة، فكان من المفروض إخطار النيابة العامة بعزم الحكومة علي إيداع الرئيس نجيب وأسرته في القصر لتشرف النيابة علي فتحه والاطمئنان والتأكد من سلامة محتوياته لتحديد المسؤولية عند فقد أي منقولات ثمينة منه
.وعن القصر يضيف المستشار فرج: عبارة عن فيلا صغيرة لسكن أسرة واحدة وهي من دورين وحجراتها قليلة وبها مصعد صغير، حتي يتجنب الزعيم مصطفي النحاس مشقة الصعود لكبر سنه - ووجدنا بداخل الفيلا الرئيس محمد نجيب وزوجته وولديه، علي وفاروق، رحمهما الله، وكان الرئيس رابط الجأش لم تهزه الأحداث،
وواجه الموقف بشجاعة وكان يدخن (غليوناً)، واعتذر لنا بأنه لا يدخن سجائر حتي يقدمها لنا فشكرناه بأننا لا ندخن، وشاهدنا فوق منضدة في الصالة بعض الطعام، الذي قدموه له ولأسرته، من خبز وجبن وبرتقال، وأشار الرئيس إليه قائلاً (شفتم أكل رئيس الجمهورية)،
ثم خاطب ابنه المرحوم علي (أنا مبسوط منك يا علي لأنك لم تبكِ مثل أخيك فاروق، وكنت رجلاً علي مستوي المسؤولية، ساعة القبض علي في رئاسة الجمهورية بعابدين).
وتمت عملية الجرد في محضر رسمي واتصلت بالسيد المستشار حافظ سابق النائب العام وأبلغته بما تم فأشار بالاتصال بالمرحومة السيدة «زينب الوكيل» لسماع أقوالها في خصوص محتويات القصر. فاتصلت بالمرحوم مصطفي النحاس بمنزله وكان طريح الفراش وأخبرني بأنها مريضة ولا تستطيع السفر إلي نيابة الخانكة،
وأنه سيقدم لي شهادة مرضية بذلك ورجاني بسؤالها في مسكنها في جاردن سيتي، فعرضت الأمر علي السيد المستشار النائب العام فوافق، علي أن أثبت كل ذلك في المحضر، وانتقلنا أنا وزميلي وكيل النيابة إلي جاردن سيتي.ويستطرد المستشار: كان القصر مفروشاً بطريقة حديثة رغم بساطة الأثاث، فدل علي ذوق سليم،
وجلسنا ومعنا سكرتير النيابة في أحد الصالونات في الدور الأول ثم جاءت السيدة زينب الوكيل وبرفقتها محاميها ويتقدمها سكرتيرها الخاص،
ورحبت بنا وبادرت بسؤالي: هل تسألني كمتهمة أم كشاهدة؟ وطمأنتها وبدأت الأسئلة ودلت ردودها علي شخصية قوية تثق في نفسها وتشعرك بأنك تحادث سيدة من نوعية فريدة وبأنها زوجة زعيم تغمرها المهابة.
ويشير المستشار إبراهيم فرج في مقاله بجريدة «الأخبار» في ٣٠/٨/١٩٨٤ إلي أن ما يريد أن ينقله للقراء من حديثها ولم يدونه في المحضر، وهي في ذمة الله، سؤالها له لماذا اختارت الثورة قصرها الصغير بالذات ليعيش فيه الرئيس نجيب وأسرته والقاهرة زاخرة بالقصور الأنيقة الكبيرة؟
وهل يرضيك أن يكسر باب القصر، وتُقتحم غرفتي الخاصة بما فيها من حاجات لتعيش فيها حرم محمد نجيب وأنا زوجة الزعيم مصطفي النحاس؟!
وهل يرضيك أن تسرق (بلاليص الجبنة القديمة)، من بدروم الفيلا؟! وعرضت الأوراق علي السيد المستشار النائب العام وتصرفت فيها حسب أوامره.

ليست هناك تعليقات: