الاثنين، ديسمبر 13، 2010

رواية الهالوتي & باكينام - 3




-7-



فى اليوم التالى وصلت الى الكلية على المحاضرة الثانيه كالعادة وسألت عن الهالوتى فأخبرونى أنه فى الجمالون من الصباح وبعد قليل وجدته يهبط هو وباكينام فتظاهرت أنى لم أشاهدهما ووقفت فى نهاية السلم وأعطيت ظهرى لهما فوجدت يد تربت على كتفى فألتفت وقلت متظاهرا بالمفاجأة: (( مين قيس وليلى أهلا أهلا يا مرحبا ))



فقالت باكينام وهى ترسم على وجهها علامات استهجان لذيذه : (( هه ظريف قوى ))



وقال هالوتى : (( صباح الفل يا كبير أنا ماعدتش عليك الصبح أنا عارف طبعا أنك مابتصحاش بدرى كده ))



فقلت فى تخابث : (( لايا شيخ قولى يا هالوتى يا حبيبى أنت جيت ازاى الصبح ))



فتلعثم ثم قال : (( اسكت مش قابلت باكينام صدفه فى أول عباس وجينا بتاكسى ))



فقلت مبتسما من سذاجته الواضحه : (( شوف ازاى لا رب صدفة خير خير خير ))



فقالت باكينام باستفزاز : (( وأنت مالك اصلا جه ازاى وبعدين من هنا ورايح أنسى بقى أنكم تيجوا وتروحوا سوا خلاص العصر ده أنتهى خلاص ))



فقلت وأنا امسك هالوتى من اذنه : (( صحيح الموضوع ده يا هالوتى ))



فقال بإحراج : ((والله يا أبوحميد تقدر تقول يعنى هو اصل ا... من الاخر ااااه ))



فاجبته فى سخريه وبلكنته الصعيديه : ((( ياخسارة الرداله (الرجاله) وعاملى صعيدي وبتاع وأنى مش عارف أيه وحرمه تمشى كلامها عليك تؤتؤتؤ يا فضحتك فى الكلية ))



فردت باكينام فى عناد الأنثى : (( بطلوا حقد بقى أوعى يهمك ياهالوتى ده من الحاقدين الامبرياليين ))



فامسك الهالوتى معصمى وسار بجوارى قليلا ثم قال : (( قطب حبيبى الحوار ده ما ينتشرش أنت عارف العيال اصحبنا دزم وهبقى تريقة العيال ها ماشى ))



فقلت مازحا : (( ايدك ايدك لو سمحت ماتتكلمش معايا خلاص كل اللى بينا أنتهى خلى الاموره تنفعك )) قلت الجزء الاخير وأنا أنظر اليها نظرة اسفزازيه ، وكانت تلك العبارات بعض المناوشات اللذيذه التى تحدث بين الاصدقاء عادة عند أرتباط اى ثنائى ولكنها فى اطار المزاح وعلى سبيل الدعابه .



وفى احد الايام اثناء عودتنا من الكلية وكنا نستقل (مينى باص) 39 بشرطة من أمام جامعة القاهرة ورغبة من باكينام أن تكون معنا قررت أن تركب مواصلات ومنعت السواق من الحصور إليها كما كان يحدث فى السابق وكان معظم المينى باص من طلبة وطالبات تطبيقية الا من راكب هنا وراكبة هناك واثناء توقف المينى باص فى اشارة شارع القصر العينى الممله القديمة حينما كان الشارع اتجاهين ركب شابين .



ويبدوا أن فتنة باكينام وحيويتها قد لفتت أنتباههما اثناء حديثنا سويا فقد كنا نجلس فى النصف الخلفى من المينى باص فلاحظنا انهما يقتربان ويزاحمان الركاب حتى وقفا فى المنطقة التى نجلس بها وبدأ ينظران اليها نظرات غير مريحه فلفتوا أنتباه اشقر فقال فى اذنى :



(( مالهم العيال ولاد ال.... دول بيبحلقوا فى باكينام ))



فتابعتهما ببصرى فوجدت الامر صحيح وقبل أن احاول القيام بأى رد فعل كان الهالوتى قد أنتبه اليهما ووجدته كعادته عندما يغضب احمر وجهه ونفضت عروقة ووقف ودون اى مقدمات كان احدهما يقع على الركاب بعد أنا صدمه هالوتى برأسه فى أنفة وانفجرت منه الدماء وقبل أن ينطق صديقه كان الهالوتى قد كال له عده لكمات متتالية كافية لكسر أسنأنه وانفجار الدماء من انفه وفمه ايضا وساد الهرج والمرج وذهبنا الى قسم الشرطة جميعا .



فقال الظابط مخاطبا هالوتى : (( تضرب اتنين يا مفترى تكسر لواحد منخيرة والتأنى كسرت اسنأنة أيه بلطجى ؟ )



فقالت باكينام : (( بليز ياا اافندم عرفة مش بلطجى كل الحكايه الولدين دول عاكسونى فعرفة علمهم الأدب ))



فقال الظابط فى استنكار : ((يا سلااام والنبى أيه وهو بقى البدى جارد بتاعك ولا أنتى الاميرة ديانا واحنا مش عارفين - وبعدين هنا الكلام بأذن متتكلميش الا لما أسألك ))



فحاول الهلوتى ان ان يرد وكانت ملامحه تنبىء بأنه سيخلق ازمه مع الظابط فأمسك الأشقر يده وهمس فى أذنه : ( ابوس ايدك ماتردش ، امسحها فيا المرد دى ، هتودينا فى داهيه )



نظر الظابط الى عرفه بعدوانيه وقال : (( هات بطاقتك يلا وأنتو كلكم هاتوا بطايقكم ))



أمسكهم وبدأ يقلب فى الواحده تلو الأخرى ، وأثناء ذلك أخرجت باكينام الموبيل من حقبيتها وأجرت اتصال بوالدها تخبره أنها فى قسم الشرطة وكان الأمر ملفتا لنا جميعا فقد قالت :



(( الو – ايوة يابابى ازيك ياحبيبى – بليز يابابى تبعتلى أنكل محسن عشان أنا فى قسم البوليس ، ما تقلقش عادى ولاد عكسونى فى مينى باص فواحد من صحبنا ضربهم وروحنا القسم- لا سواق أيه أنا مشيتة ورجعت مع صحابى موصلات ، اه يا حبيبى لا متقلقش أنا كويسة بس بسرعة عشان نروح بقى – يلا باى ))



كانت تتحدث ببساطة وكأن الامر لا يعدوا سوى نزهه مما لفت أنتباه الظابط كما لفت أنتباهه الموبيل فقد كان مازال جهاز تداوله مازال قليل



[وقد قام الظابط بسماع اقوالنا وأقوال المجنى عليهم الذين ادعوا بالكذب أنهم لم يفعلوا شيئا وأن الهالوتى بلطجى وفى اقل من نصف ساعة وقبل أن يدخل الهالوتى الحجز دخل القسم والد باكينام ومعه اسطول من الرجال محأمى على بودى جارد على مدير اعمال وأنقلبت رائحة القسم فى لحظة كما أنقلب اسلوب المعاملة تماما وحضر المأمور بنفسة وفى 10 دقائق كنا خارج القسم بعد أن اعترف الضحايا بكل ما فعلوه وما لم يفعلوه وأنتهي الأمر بتقطيع المحضر واعتذار الضحايا لباكينام وعرفه ، بلد بتاعت كوسه]



وكان هذا أول تعارف بين والد باكينام والهالوتى فى قسم البوليس فقد قدمت باكينام عرفه لوالدها دون غيره وكأننا لسنا موجودين واثنى الرجل على موقف عرفه وقد كان على عجلة من أمرة فقال :



(( معلش يا حبايبى أنا طالع المطار دلوقتى كنت احب اتعرف بيكوا- بس كلكم معزومين عندنا يوم الجمعه فى الفيلا على العشاء يلا يا باكى عشان السواق يروحك ))



وقال اشقر فى اذنى: (( طب واحنا ملناش نفس السواق يروحنا أيه الحلاقة دى ، دى اخرة اللى يمشى ورا الحريم ))



فقلت : (( ادينا يا عم هنتظبط يوم الجمعه وأكيد الحفلة دى لن تخلوا من ديناصورات مصر الجديده وحريم هليوبليس ومش هتلاحق يا نجم ))



فابتسم ابتسامة ذئب وقال : (( ايون عندك حق ))


وقال وهو يمسك هالوتى من قفاه : (( يلا يا عم الخط عاملى بلطجى أنا ادخل قسم بوليس ماشى ياهالوتى – يلا يااخونا )) قال الجزء الاخير مخاطبا باقى اصدقائنا الذين نزلوا تضامن معنا من المينى باص .



ولكن هالوتى قال معترضا : (( لالا أنا هعزمكم على الغداء ))



فرد علية حازم : (( لا يا ريس وغداء أيه وبتاع لالا احنا هنروح بقى )



وقالت ملك : (( ايوة يا عرفه مش هينفع أنا اتاخرت مووت )) وووافقهم باقى الموجودين وكنا حوالى عشره


ست ولاد وأربع بنات ولكن المخ الصعيدى صعيدى أو استطيع أن اقول أن الكرم الصعيدى ورغبته فى رد الجميل فى حينه قد جعل عرفة يقسم عليهم جميعا بواجب الغداء .



فقال اشقر : (( خلاص يا اخونا ابو طارق هنا جنبينا فى وسط البلد أحسن بتاع كشرى ماجتش من ساعة قشطة ))



فقلت مؤكدا : (( قشطة واهى حاجة تبقى للذكرى يا جماعه ، ها قولتوا أيه ؟؟ ))



فردت عنبه وهو الاسم الحركى لسلمى : (( قشطه يلا ))



واتجهنا جميعا لابو طارق وكانت من احلى ذكرياتنا وقد تسببنا بهرج ومرج فى المحل نظرا لعددنا الكبير والحيوية التى كنا فيها والادهى أن علياء وهى صديقة لنا من قسم سينما كانت معها كاميرا فوتوغرافيا وقد إلتقطت لنا العديد من الصور الغايه فى الروعه والصدق والعفويه و كانت بمثابة تأريخ لذلك اليوم حتى لا ينسى وإن كانت اللحظات السعيده فى حياتنا لا تنسى بسهوله ولكن الصوره ابغ من التعليق والوصف.



وبعد أن غادرنا المطعم أصرعرفه الا نترك البنات حتى نقل (بضم النون )كل بنت لمنزلها فقالت ريم فى استهجان : (( أيه يا أبنى هو إحنا هنتخطف وبعدين لسه الساعة سابعه فى أيه ؟ ))



فرد عليها قاطعا السبيل عليهم للاعتراض: (( وأنا خايف عليكم واديكوا شوفتوا اللى حصل أيه زعلانين عشان خايف عليكم)) فلم يجدوا بد امام تلك الشهامه كما أنننا وافقناه ولم نعترض وكان يوم لاينسى بحق ،وعندما وصلنا لمنزلى وجدنا مفاجأه فى انتظارنا ويبدوا أن هذا اليوم أبى أن ينتهي على خير




**************************************************


عندما دخلت منزلى وكان معى هالوتى فوجئت بأمى تقول لى فى لهفه: (( أنت كنت فين يا أحمد أتأخرت كده لية ؟ ))



فأجبت فى ريبه : (( معلش يا ماما كنت فى القسم و...........))



فقاطعتنى : (( هو جمال فى المستشفى ولا فى القسم ؟))



فقلت فى أندهاش : (( جمال مين ؟ ))



فقالت: (( محمد جمال امال أنت كنت فى القسم لية ؟ ))



فقلت وانا مشوش التفكير : (( براحه بس شوية يا ماما وفهمينى محمد جمال ماله ؟ ))



فقالت فى حزن : (( ده نجيب اتصل هنا يسأل عليك وبيقول أن محمد جمال عمل حادثة بالعربية وفى مستشفى حسبو و....))



ولم تكمل ففي لمح البصر كنت أهرول على السلم أنا والهالوتى ونسينا وجود مصعد وسمعتها تقول لي من أعلى وانا اقفز الدرج : (( طب ابقي اتصل طمنى يا أبنى ))



وما هي الا دقائق وكنا ندلف الى المستشفى ونسأل موظف الاستقبال عن محمد وأخبرنا اته فى غرفة 407 ودون اعتبار لأساليب اللياقة لم أدق على الباب بل دفعته ودخلت لأجده يقول لى مازحا وهو ممدد على الفراش : (( فى أيه يلا خضتنا فى حد يفتح الباب كده ))



فقلت فى ضيق : (( أمال بس حادثة وخضتنى الله يح............)) ولكن بلكزه فى كتفى من يد هالوتى قد انتبهت بوجود اهله وأقاربه بالغرفه



فقلت فى خجل : (( يا نهار إحراج معلش يا جماعة أصلى اتخضيت علية والبعيد تنح حتى وهو عامل حادثة رخم ))



فابتسم الجميع وقال هالوتى مخاطبا جمال : (( أيه ياكبير أيه اللى حصل ؟؟وعمل فيك كده )) فقد كان وجهه به بعض الجروح على مايبدو من أثر تطاير شظايا زجاج .



فقال فى براءه : (( فجاءه والله يا عرفة يا أبنى لاقيت نفسى لابس فى عمود تقولى ازاى أقولك معرفش ))



فقال والده حانقا : (( والنبى أيه بقى يقولك ازاى تقوله معرفش يا أبنى أنت مش لابس فى عمود ده أنت حضنته ودشدشته – حد يبقى يروح فيكوا يبص جنب المنصه هتلاقوا عمود مدغدغ )) قال الجزء الاخير وهو ينظر الينا.



فقال جمال ببرود مستفز : (( كبوه ما يلبس الا الشاطر ))



فقالت والدته بحنان الام : (( دشدش يا واد ولا يهمك المهم أنك سليم وفى داهية العمود والعربية اللى يجى فى الحديد ميضرش حمدالله على سلامتك يا حبيبى ))



فقال والده مازحا: (( يا سلام اه ما أنتى مش فارق معاكى قال دشدش يا حبيبى طيب يبقى يشوف مين هيصلحها ))



فقال شوقى الأخ الأصغر لـ جمال بطريقة لا تقل برودا عن اخية بل تتفوق موجها حديثة لابيه : ((( ههههههههههه أنت طبعا ياغالى وكل حادثة وأنت طيب هههههههههه))



فأنفجر كل من فى الغربة فى الضحك الا والد جمال فقد كان مغتاظا جدا وقبل أن يتكلم سمعنا طرقات على الباب فقام شوقى ليفتح واذ بالباب بوكيه ورد ضخم فقال شوقي : (( أيه الجونينه اللى داخله علينا دى ))



فقالت والدتة : (( بس يا ولد عيب كده – اتفضل يا ))



وعندما تحرك الورد نسبيا لنرى من يحمله اذ بها باكينام فتحرك عرفه على الفور وحمل الورد عنها ووضعه فى ركن الغرفة فقالت وعلى وجهها حمرة الخجل : (( هاى يا جماعه سلاموا عليكوا )) وكان يبدوا عليها الارتباك نظرا لأن كل من فى الغرفة كان ينظر اليها كما أن شوقى لم يدعها تمر مرور الكرام



فقال بصوت خافت وهو يصدر صفير ذات مغزى : (( أيه القمر ده ))



فقلت قاطعا حبل الصمت : (( اهلا يا بشمهندسه – باكينام زميلتنا فى الكلية وأن شاء الله تبقى مرات هالوتى فى المستقبل ))



فقامت والدة محمد واحتضنتها : (( اهلا اهلا يا حبيبتى تعبتى نفسك يا امورة والله ماكنش ليه لازمه والله ))



فقالت ومازالت فى خجلها : (( لا ازاى يا طنط ده محمد اخويا يعنى أنا أول ما عرفت من مامت قطب جيت على طول ))



فقال محمد : (( ربنا يخليكى يابنتى طول عمرك بت جدعه ))



وقال والده : (( تشربى أيه يا أموره ؟ ))



فقال شوقى مقاطعا : (( الأموره الواجب بتاعها عندى أنا - اجبلك عصير بتيخ ولا كباية فخفخينا ))



فقال محمد محذرا : (( خف يا ظريف الهالوتى غبى وصعيدى يعنى ممكن يدبحك ))



فقال الهالوتى فى هدوء : (( عيب يا محمد ده زى اخونا الصغير وبيهرج يعنى ))



فقال شوقى معترضا : (( صغيرررر أيه ده أنا فى أولى ثانوى يعنى خلاص 3 سنين وهجوز ))



فضحك الجميع واكملت مخاطبا محمد : (( تعرف إحنا جايين منين بمناسبة أن الهالوتى غبي وما بيتفاهمش ؟ ))



فقال هالوتى مرتبكا : (( قطب أتلم ))



فقال جمال متلهفا : (( احكيلىىىىىىىى))



فقلت : (( من القسم )) ورويت ما كان من هالوتى وما حدث فقال والد جمال : (( جدع يا عرفه ايوه كده هى دى الرجالة اللى دمها حامى ))



وقالت والدته بعاطفة الأنثى : (( بس حرام عليك يا أبنى تضرب 2 وتعورهم كنت اديهم ألمين كفايه ))



كل هذ ا يحدث ووجه باكينام يشع حمرهمن فرط الخجل وقالت فى ارتباك : (( طب أنا همشى بقى خلاص اطمنت على محمد وحمد لله على سلامتك يا مجرم وأمشى على مهلك بقى ))



فقال الهالوتى : (( استني هوصلك ))



فقالت : (( لا خليك السواق مستنينى تحت ))



فقاطعتها : (( طب هوصلك لحد العربية ))



فقال شوقى ساخرا : (( والنبى عصافير أجبلكم واحد بتاع كمانجه هنا ويعملكم تيتانيك ))



فقال والده بحسم: (( شوقى )) ثم اكمل بابتسامه ممتنه مخاطبا باكينام : (( شرفتى يا حبيبتى ونفرح بيكوا قريب ان شاء الله ))



وقبلتها والدة محمد وودعتها وهبط معها هالوتى ليرافقها الى السيارة وكعادة النساء لن يمر الأمر مرور الكرام


فقالت والدة محمد: (( بس والنبي البت حلوة وشكلها بنت ناس وجميلة خالص – مش هتنفع دى مع الصعايده ))



فقلت : (( بس دول بيحبوا بعض قوى وكمان فى احترام بينهم وافتكر هيقدروا يتغلبوا على العقبات اللى هتقابلهم ))



فقالت: (( ماشى مقلناش حاجة بس صاحبكم بيضرب وبيغير يعنى هيعمل مشاكل كتير ))



فقال محمد بخبث: (( طب بقولك أيه يا ماما لما يطلع فهميه وعرفيه أنها متنفعوش وهتجوزها أنا – أنكشيه كده و أتفرجي أن مقالك هقتله مبقاش أنا ))



فقال والده : (( يا أبنى خليك محضر خير ده الولد واضح أنه محترم وكويس))



فقال شوقى : (( بس البت حلوة قوى يا حج ))



فقال والده : (( بس يا شوقى عيب كده ))



فقالت والدته : (( والنبى دخلت قلبى من أول لحظة والله ))



وهنا دق الباب ودخل الهالوتى فقالت والدة محمد بمكر : (( زى القمر خطبتك يا حبيبي والله ))



فرد فى ارتباك : (( هى لسه مش خطبتى ولا حاجة يا طنط بس دعوات حضرتك معانا ))



فقالت : (( بس تفتكر اهلك هيوافقوا عليها أنا عرفت أنك من الصعيد وهى من وسط غير بتاعكم فممكن يبقى فى اعتراض على لبسها وكلامها ))



فقال هالوتى : (( الحاجات دى ممكن تتغير اهم حاجة نبقى متفقين فى الثوابت فى الغلط والصح وبعد كده كله بسيط ))



فقال محمد ساخرا : (( طب بقولك أيه ياعرفه اخلع أنت واجبلك 3 عرايس من عندى و البت دخلت قلب ماما وعايزه تجوزهانى ))



فأبتسم الهالوتى بهدوء وقال: (( تجوزهالك يا ريس بس كان نفسى تشوف العيال اللى بصلوها بس حصل فيهم أيه ؟ ))



فقال والده مبتسما : (( لالا قلبك ابيض ))



فقال محمد ضاحكا : (( مش قلتلكم ده مجرم معندوش تفاهم ))



فضحك الجميع وبعد قليل امتلأت الغرفة بأصدقائنا وجلسنا مع محمد الى أنا أطمئننا علية وقد علمنا انه سيغادر المستشفى فى اليوم التالى وأثناء عودتى الى المنزل أنا وهالوتى سيرا على الاقدام فقد كانت المستشفى قريبه من منزلنا سمعنا صوت صراخ شديد قادم من شارع فرعى فعدونا بشده لندخل الشارع وكان الضوء خافت ويكاد الشارع يخلو من المارة نظرا لبرودة الطقس وتأخر الوقت فلمحنا ثلاثة اشباح يتصارعون مع شبح اخر .



فأقتربنا ووجدنا ثلاثة شبان يحاولون الاعتداء على فتاه فأندفعنا فى اتجااههم فأشهروا فى وجوهنا الاسلحة البيضاء(مطاوى ))



وقال احدهم : (( امشى يلا أنت وهو من هنا لنعلم عليكم ))



فقلت بتحد : (( وماله أنا كان نفسى من زمان اتعلم عشان اهلى ميتلخبطوش فيا ))



وقال هالوتى بصوت مرعب : (( جدامكم 3 ثوان وماشفش حد منيكم هنا والا وعزة جلال الله لتاويكم يا أنجاس ياا ولاد ال الكلب))



ومع اخر حروف كلماته اندفعوا نحونا وفى الهجوم الأول استطاع هالوتى أن يخرج احدهم خارج التصارع بعد أن اصابة بارتجاج فى المخ مع أول ضربة رأس واشتبكت أنا مع احدهما والهالوتى مع الاخر واحتدم الالتحام واستطاع من اتصارع معه أن يسقطنى ارضا وكاد يغرز مطواته فى جسدى الا أن يد الهالوتى قد امسكت يده واثناء محاولته أنقاذى غافله احدهم من الخلف وغرزت المطواه فى معدته



وفجأه احسست أن الزمن قد توقف فقطرات الدم تسيل منه والثلاثه يفرون بعد أن حملا صديقهم الصريع وفروا هربا - ولم احاول أن التفت اليهم فقد كان همى فى صديقى المصاب وقبل أن يسقط اخذته على كتفى وقد تجمع بعد سكان البنايات المحيطه بموقع الحادث ورأوا ماحدث وخرجت عده سيارات تريد أنقاذه وحملناه فى سيارة احدهم الا أننى احسست أن بريق عينيه يخبو ويده ترتعش وجسمه اصبح اكثر بروده وشعرت بجسده ينتفض بين يدى وكاد قلبى يتوقف عندما اغلق عينيه وبعدها لم ينطق.




-8-



لحظات عصيبة هى تلك اللحظات التى ترى فيها أنسأن عزيز عليك بين الحياة والموت ولا تستطيع أن تساعده ، ترى بريق الحياة يخبو امام عينيك من وجهه وأنت عاجز ، كم نحن البشر عجزه ولكننا نظن أنفسنا نملك زمام امورنا ولكن هذا ليس صحيح فنحن اتفه ما نكون امام عظمة الخالق وقدرتة نظن أنفسنا ملوكا مع أنننا لانملك وتغرنا الحياه وتلهينا نزواتها ومتعها وحينما يدق ناقوس الاجل نصبح كالفئران المذعورة .



هل لابد لنا أن نرى عزيز يكاد أن يفارقنا لكى نفيق؟



لما نعرف الله فى لحظات الشده فقط ؟؟ نستعطفه ونرجوه ونتمنى علية ونصبح ازلاء لما لا نعرف الله فى رخائنا وسعادتنا ليلطف بنا فى مصائبنا وشدائدنا؟



اسئلة واسئلة تكاد تفتك برأسى وأنا اقف امام غرفة العمليات فى المستشفى أنتظر بين لحظة واخرى اما خبر سار أو خبر سىء ، لقد مر شريط ذكرياتى مع عرفة امام عينى مئات المرات فى تلك اللحظات ، وحاول جمال واهله تهدئتى ولكن دون جدوى ، فقد قابلنى والد جمال وأنا ادلف الى المستشفى أحمل عرفه وأنا اصرخ : (( عايززز دكتووووور معايا واحد بيموت ))



وكم كانت صدمة الرجل قوية فمنذ لحظات كنا نجلس سويا نتجاذب اطراف الحديث والأن هو ممدد غارق فى دمائة ولا يعرف مصيرة سوى خالقه ، وعلم جمال وهبط من غرفتة ولحظات هى وكانت المستشفى تكتظ بكل اصدقائنا الذين اتوا فى سرعة البرق وكانوا فى حالة ذهول وحضرت الشرطة وجاء ظابط يطلب سماع اقوالى وقبل أن اتحرك معه خرج الدكتور يقول:



(( حد فصيلة دمه O احنا محتاجين نقل دم فورا ))



فنظر بعضنا لبعض وعيوننا متلهفه ليخرج احدنا يقول نعم ، ولكن للاسف كلنا لم يكن فينا احد يحمل نفس فصيلة دمه ورأيت والد جمال يعدوا ويقول : ((هروح ادور فى المستشفيات واشترى)) وهذا صديق يجرى ليتصل باهلة واخر يمسك المصحف ويقرا القرءان واخر خأنته دموعه وسقطت وصديق يسأل الممرضين والممرضات ويعرض عليهم الاموال ليرشده أحدهم أين يعثر على الدماء .



ولم ادرى لما قفزت صورة باكينام فى ذهنى تلك اللحظة ولم ادرى بنفسى الا وأنا امسك بهاتف جمال واتصل بها وابادرها قائلا : (( أنتى فصيلة دمك أيه؟ ))



فأجابت : (( مين معايا فى أيه ؟؟))



فقلت بنفاذ صبر: (( أنا قطب ردى عليا أنتى فصيلة دمك أيه؟ ))



فقالت فى ريبة وشك: (( O ياا أحمد مالك أيه اللى حصل عرفه حصلوا حاجة ؟؟))



فتنفست الصعداء وقلت لها : (( ممكن ماتتخضيش وممكن فى ثوانى برده تبقى عندى هنا فى مستشفى حسبو أنا محتاج نقل دم فورا ))



فقالت فى أنهيار: (( عرفة فين ؟ رد عليا ؟ عرفة مالة ؟ ))



فقلت : (( عرفة محتاجلك قوى هو فى العمليات وعايزين نقل د........)) ولم اكمل الجملة فقد اغلقت الخط ، ولكننى كنت متأكد أنها ستأتى .



وبعد فترة خرج الطبيب مرة اخرى يستعجلنا ، وقد وجد بعض اصدقائنا متبرعين ولكن لم يصلوا بعد وفجاءه وقف المصعد ورأينا باكينام ومعها سيده كبيرة وشاب تهرول فى اتجاهى ووجهها شاحب وعينيها حمراء من كثرة البكاء وتقول لى وهى تمسكنى وتهزنى :



(( عرفه فيين ؟؟ رد عليا حصلوا أيه ؟؟))



ودعونى اخبركم شيئا البعض يتسائل احيانا لما نتحمل مشاكل الحب ولما نعطيه كل هذا القدر من الاهمية فى حياتنا ولما نرجع الية العديد من النجاحات سواء شخصية أو اجتماعية والرد هو تلك الحالة التى عليها باكينام يالها من مشاعر تلك التى تجعلك تفقد كل رونقك وثباتك من اجلها يالها من مشاعر تلك التى تجعلك تصرخ ولاتدرى ماذا تقول لمجرد شعورك بأن حبيبك فى خطر افلا تستحق أن نهتم بها وأن يكون الحب هو اجمل هبه ونعمه من الخالق .



فقلت لها : (( بعدين هفهمك ادخلى دلوقتى اتبرعى بالدم عشانه ))



ودلفت الى غرفة جانبيه وطالبتها الممرضة بالهدوء حتى يمكنها أن تتبرع ، وتقدمت من السيده والشاب ورحبت بهما فقد كانت والدتها وأخوها وكم كانت دهشتهم كبيرة من تصرف ابنتهم واهتمامها بذلك الشاب فقد كانت ملامحهم تنبىء بذلك ولكنها مختفية خلف قناع من الهدوء والكبرياء حتى ينتهى ذلك الامر وعندها يتضح لهما كل شىء.



وجلست مع الضابط أقص عليه ماحدث وفوجئت بالفتاة التى كنا نحاول أنقاذها تدخل علينا ومعها رجلين وشاب وقال احد الرجلين : (( أنا على السعيد )) والد (( سالى – اللى أنقذها الشاب ده وصاحبة اللى فى غرفة العمليات ))



واقترب منى الرجل واحتضننى بشده وقال : (( أنا مش عارف اقولك أيه يابنى – وأن شاء الله صاحبك هيقوم بالسلامة صحيح عمار يا مصر)) .



فقلت فى حزن : (( ياافندم احنا معملناش غير الواجب وهى اختنا وأى حد فى نفس موقفنا هيعمل كده ،دعواتكم أنتوا بس لعرفة))



وصافحنى الشخص الاخر وقد كان عم الفتاة والشاب وقد كان اخوها وروت الفتاة القصة للضابط كما رويتها وأخذ الضابط أوصاف المشتبه بهم وودعنا على أن نأتى للقسم غدا لاستكمال المحضر والتحقيقات ، وقد علمت اثناء ادلاء الفتاة بأقوالها أنها تسكن فى ذلك الشارع ولكن فى منتصفه وأنها كانت عائده من عند صديقة لها بسياره أجره ولكن التاكسى رفض الدخول فى الشارع فنزلت على ناصيته واثناء سيرها هجم عليها هؤلاء الذئاب يريدون سرقتها والاعتداء عليها حتى تدخلنا نحن.



وعدت امام غرفة العمليات لأجد باكينام تجلس مع والدتها واخيها بعد أن أن حصلوا منها على الدماء التى يحتاجها عرفه ، كما أن كل اصدقائنا يفترشون الممر ويبتهلون بالدعاء، واخيرا خرج الطبيب ليقول : (( الحمد لله ياجماعه ربنا كتبله عمر جديد هو هيدخل العنايه المركزة دلوقتى ونتمنى أنه يفوق على بكرة الضهر كده)) .



وضج الممرر بالفرحة والاحضان وعبارات التهنئة بل والسجود لله شكرا وحمدا على نجات صديقنا القادم من الصعيد الذى لم نعرف مدى حبنا له الا فى تلك اللحظات العصيبه وهنا تحركت والدة باكينام واخيها يهمون بالرحيل فتوجهت اليهم وقلت لباكينام امامهم :



(( اللى عملتية أنهارده ده مش بس عمل خير ومش بس أنقاذ لحياة زميل لينا لا ده دليل على اد أيه معدنك الطيب واصلك الرفيع ))



وقلت لوالدتها : (( أنا بشكر حضرتك أنك سمحتلها تنقذنا فى الموقف ده وعلى اهتمامك ))



فردت والدتها بايماءه من وجهها مع ابتسامه وقالت فى كبرياء: ((يلا يابكينام يلا ياعمر )) قالت الجزء الاخير مخاطبة باكينام واخيها.



كلماتى التى سبقت كانت محاولة منى لتجد باكينام سبيل أو طريق تبرر به لوالدتها واخيها الموقف برمته وأن كانت محاولة يائسة فنظرات الخوف والهلع التى كانت تطل من عينيها حينما علمت بالأمر اكبر بكثير من مجرد محاولة مساعده زميل فى محنه .



وغادرنا المستشفى مع أذأن الفجر وقال لى اشقر : (( ها هنروح الكلية بكرة ))



فقلت له : (( كليه وأنت طيب بقى ياغالى ، لالا أنا هنام وهاجى على الضهر المستشفى ))



فقال مازحا : (( طب تعالى أوصلك لا يخطفوك ويعتدوا عليك – ما قلتلكم تعالوا أوصلكم لازم تعملوا رجالة وتروحوا مشى ))



فقلت محاولا السخرية : (( ده أنا برده اللى هتخطف طب الحق روح بالشورت اللى أنت جاى بية ده جاى مستشفى بشورت فاكر نفسك رايح مارينا ))



فقال فى أستهجان: (( اعملكم أيه قاعد فى البيت فى امأن اللة وناوى والنية لله اقعد اعملى مرياج مقلم( تصميم نسجى) ولسه برتب فى الالوأن لاقيت التلفون ألحق هالوتى بيموت—أحمد ربنا أنى كنت لابس شورت اصلا – اخدت العربية وطيران على هنا ))



فابتسمت رغم عنى واخيرا وصلت منزلنا بعد اطول يوم فى التاريخ فقد بدأ فى القسم وأنتهى فى المستشفى ومحاولة قتل ، وقابلتنى أمى وقد كانت مستيقظة لصلاة الفجر وقالت بلهفة الام :



(( كده ياأحمد كل ده مش قلتلك تطمنى ))



فقلت فى عدم وعى : (( جمال كويس وعرفة كان هيتقتل وعمل عملية وفى الأنعاش ادعيلوا ))



فأصيبت بذهول شديد وقالت : (( أيه يالهوى تعالى هنا فهمنى أيه الحكايه ؟ )) وقد كنت احاول الوصول للسرير عندما نطقت تلك الجمله 0



فقلت : (( بكرة يااماما ابوس رجلك أنا مش شايف ))



فقالت فى غضب : (( قوم صلى الفجر يا خفيف ))



فنظرت اليها بنصف عين محاول الفكاك : (( هصلى لما ااصحى مش قادر ))



فوقفت اما السرير وقالت بحسم : (( أحمد ))



وهنا علمت أننى لن أنجوا فقد كانت أمى حاسمة وقوية ومن الاخر سيطره فاحترمت نفسى واتجهت لأتوضأ وصليت الفجر بحمد لله واحسست بالنشاط قد دب فى جسدى من جديد فجلست معها ورويت لها كل ماحدث فقد أغرتنى ((بحلة محشى كرنب وبعض قطع الاسكلوب))



*******************************************



لم ادرى كم من الوقت مضى وأنا نائم ولكنى استيقظت على صوت والدتى وهى تقول: (( اصحى ياأحمد عايزينك فى القسم )



فقلت وأنا بين النوم والصحيان: (( قوللهمم يعدوا عليا بكرة هستناهم ))



فقالت أمى : (( هما مين دول اصحى ياأحمد بطل خطرفه ))



ففتحت عينى ونظرت اليها محاولا تجميع الموقف ثم قلت : (( هى الساعة كام ؟ ))



فقالت : (( الساعة 6 اصحى يلا قوم بقى صلى اللى فاتك وكمان اتغدى وبعدين روح القسم ما خلاص بقيت رد سجون ))قالت الجزء الاخير مازحه .



فقلت وأنا ابتسم : (( عشان تعرفى بس أنى مصيتك فى المنطقة وابنك بقى مجرم اد الدنيا ))



فقالت بسخرية : (( طب قوم يا سفاح دا العيال ضربوك وصحبك كان هيموت عشانك ))



فقلت وأنا اعتدل: (( لالا يضربونى ده أيه ده أنا بس اتخدت على خوانه فوقعت لكن وقعت زى الاسد وبعدين مش هحكيلك حاجة تانى على فكره ))



وبعد حوالى ساعة كنت فى قسم مدينة نصر أول لمقابلة معاون المباحث الذى أستكمل معى التحقيقات وعرض على بعض المشتبه بهم ولكنى لم أجد بينهم ايا من الذين اشتبكوا معنا وبعد أنتهاء الاجراءات ذهبت الى المستشفى لاجد هالوتى قد استعاد وعيه بحمد الله ولكنه ما زال فى العنأيه المركزة ودخلت وأطمأننت علية ونظر الى وابتسم .



وأثناء تواجدى خارج العنايه وجدت ممرضة تقترب منى وقد كانت فى منتصف العشرينات قصيرة القامه ، قمحية اللون ، ووجهها يحمل لمحة من جمال وقالت لى وهى تقترب وعلى وجهها ابتسامه عريضة :



(( حمدالله على سلامة البية ياااستاذ والله والله والله قاعده جنبة طول الليل لحد ماربنا كرمه وفاق))



فقلت وأنا ابتسم : (( طيب ياستى شكرا وجزاكى الله كل خير))



فردت بحماس : (( أنت ماتعرفش والله احنا كلنا مسترجلينكم اد أيه ، المستشفى ملهاش سيرة غير عن الولدين اللى أنكذوا (أنقذوا)البنيه من الذئاب البشريه))



فقلت بخجل: (( طيب ياستى ربنا يخليكى ده اقل واجب))



فقالت فى خفوت وهى تبتسم فى محاولة يائسة للاغراء: (( هو حضرتك مرتبيت (مرتبط) ))



فقلت فى حده : (( نعم ))



فقالت : (( اقصد يعنى خاتيب (خاطب) ، متجوز ))



فقلت : (( اه لا متكلمين عليا بس ))



فقالت : (( عسل والله عسل ، طب وصاحبك ؟))



فقلت : (( اه ده صعيدى وحاجزينله بنت عمه فى البلد ))



فقالت بأسى: (( تيب يلا بقى على العموم حمدالله على سلامته ))



فقلت وأنا اضع يدى فى جيبى واخرج بعض النقود تعويضا عن فشلها فى تظبيط احدنا : (( اللة يسلمك دى حاجة بسيطة بقى حلاوة سلامته))



فقالت وهى تتفحص النقود لتعرف كم : ((( والله مالوش لازم التعب ده احنا معملناش غير الواجب، إن مكنتش تحلف بس))



كانت فتاه تتمتع بخفة ظل واضحه وجرئه فى الحوار كما أنها رويتر فبعد أن نفحتها النقود حكت لى بدون أن أسألها من حضر طوال اليوم للسؤال عن عرفة بأوصاف دقيقة لكل شخص وفى نهأيه الامر قالت : (( معلش بقى أنا مضطرة اسيبك اصلى مستعجلة قوى وورايا شغل كتير على فكرة أنا اسمى نرجس وعلى طول هتلاقينى فى العنايه ، سلام ))



بعد أنا تركتنى نرجس لما أجد ما أفعله فهالوتى سيخرج من العنايه غدا فعدت الى المنزل وفى اليوم التالى ذهبت صباحا الى الكلية وقد أنتشر الخبر بها وقضيت طول اليوم فى الرد على استفسارات كل من يقابلنى فى الكلية عن تفاصيل الحادث وماذا حدث وصحة هالوتى وبعض الاسئلة الهايفة (هى البنت اللى أنقذتوها كانت حلوة ولا وحشة طب خدت رقم تلفون ولا لا ياشقيق )وكلام ولاد من النوع ده .



لكن العجيب أننى بحثت عن باكينام فلم أجدها وأخبرونى أنها لم تحضر امس ايضا وحاولت الاتصال بها فوجدت هاتفها مغلق فأصابنى القلق عليها وخمنت أنه قد حدث شىء بينها وبين أهلها بسبب الهالوتى ولكننى طردت تلك الهواجس وقررت الا أسبق الاحداث ولعل المانع خير .



وفى المساء كان الهالوتى قد خرج الى غرفة عادية وتجمعنا كلنا حولة واثناء تواجدنا عنده حضر معاون المباحث للحول على أقواله وقد كان شاب ظريف ويدعى عصام وبعد أن أنتهى من التحقيقات قال للهالوتى : (( متقدرش توصفلنا حد فيهم وصف دقيق يا بطل لأننا لحد دلوقتى مش قادرين نتعرف عليهم ))



فأبتسم هالوتى وقال : (( حد يدينى ورقة وقلم ))



فقال عصام : (( أيه أنت ممكن ترسم رسم كروكى ليهم ))



فرد الشال : (( كروكى أيه ده فنان هيرسمهملك احسن من صورهم فى البطاقة ))



فتحمس عصام وقال : (( عظيم أرسملى واحد بس ، أنا عارف أنك تعبان ، ياريت أدق وش حافظة أرسمه وأنا اعرف اجيب الباقى ))



وفى اقل من ساع الا ربع كان الهالوتى قد رسم الشخص الذى ضربه بالمطواه بصورة دقيقة وبعد أنتهائه عرض علي الصورة وقد وافقتة تماما وما أن رأها عصام حتى قال : (( الواد ده أنا عارفه ؟ خلاص متقلقوش أنهارده ال3 هيبقوا مشرفين عندنا ))



وودعنا الظابط وبعدها طلب منى الهالوتى أن اتصل بأهلة واخبرهم أنه قد قام بأجراء عملية الزائده فقط وأنه بخير حتى لا يقتلهم القلق وبالفعل اتصلت بهم واخبرتهم كما قال وقد توقعت أن يأتى والده وبعض أقربائة ولكننى عندما ذهبت فى اليوم التالى لأطمئن علية وجدت ما لا يصدقه عقل .



***********************



تحول الشارع الذى تكمن فية المستشفى موقف لسيارات اجرة قنا فقط ووجدت مايقرب من عشرين سيارة ممتلئه بالاشخاص وعندما صعدت لاعلى وجدت الطابق الذى يحوى غرفة هالوتى مزدحم بصورة دعت ادارة المستشفى الى تحديد وجودهم وطلبت منهم الدخول على دفعات وبعد مجهود مضنى استطعت دخول الغرفة وما أن دخلت حتى قال هالوتى بلهجه صعيديه :


((هو ده أحمد صحبى يا حج الللى اتصل بيك وكان معايا ساعة محاولنا ننقذ البنت من ايدين العيال الأنجاس دول))



فوجدت رجل تظهر علية ملامح الهيبه ويرتدى جلباب صعيدى ويضع عباءة على كتفه ويمسك بين يدية عصا برأس معقوف يقترب منى ويصافحنى بشده جعلت يدى تختفى بين يديه الخشنتين ثم احتضننى بصورة جعلتنى كالفأر بين ذراعية وأخيرا تركنى ليتناوب عليا بنى قومه السلامات والقبل .



ثم وجدت سيده ترتدى ملابس سوداء تقول لى : (( جرب منى يا ولدى ))



فنظرت لـ الهالوتى الذى قال : (( جرب يا قطب دى أمى الحاجه))



فأقتربت وصافحتنى السيده وقالت لى : (( عرفة يااما حكلنا عنيك وأد أيه أنك واد جدع وبتحب عرفه ، لكن أنقاذك لحياة ولدى ده ميكفهوش شكر وااصل بس مسيرك تيجى عندينا وتاخد واجبك وتعرف مقامك حدانا ))



فقلت فى خجل وتوتر: (( ياافندم ده هو اللى أنقذ حياتى وبسبب أنه حاول ينقذنى أتصاب ))



فقال والده : (( أنتوا ال2 ردالة وأنتوا ال2 أنقذتوا بعضيكم ومن أنهارده معزتك من معزة عرفة وهو خوك زى ماأنت خوه ))


فقلت : (( شكرا يااعمى وهو فعلا اخويا وأنا مستهلش ده كلة اللى يستاهل الشكر فعلا زميلتنا اللى جت واتبرعت بالدم وأنقذت حياته ))



فقال عرفه : (( دى باكينام اللى حكتلك عنيها ياحاجه ))



فقالت: (( زين والله بنت اصول صحيح وواجب نشكرها ونروح لحديها نديها واجبها ))



فقلت فى توتر وأنا أنظر لعرفة : (( لالا نروح لحديها أيه ماتقول حاجه يا أبنى ))



فقال عرفه : (( لالا يا أماى مش دلوكيت بوى بس هو اللى يروح عنديهم ويشكرهم وأنتى بعدين ))



فقالت فى خضوع غريب : (( حاضر ياولدى كيف ما بدك ))



فقال والده وهو ينهض فى هيبه ويخاطبنى : (( تعرف ساكنين وين يا ولدى ))



فقلت مرتبكا وأنا احاول الفكاك من الامر : (( ايوه عارف بس يعنى ممكن تليفون كفايه مش محتاجة حضرتك تروح بنفسك – ااه وكمان بابها كان مسافر وممكن ما يكنش موجود))



فقال فى حسم : (( احنا هنعمل الواجب ونروح ونشوف - هم بينا يا ويلد فقام 10 ممن كانوا بالغرفة ))



فقلت : (( لااااااا ويلد أيه؟ بص هروح أنا وحضرتك بس ملهمش لازمة كل الويلد دول يعنى ، اعذرنى يااعمى ممكن الناس تتخض))



ففوجئت بالرجل يبتسم وقال مخاطبا عرفه: (( يظهر أن صاحبك ميعرفش مين هو سليمان عبدالرافع الهالوتى ياعرفه وخايف الناس ميستقبلوناش زينه))



فابتسم عرفة وقال : (( روح ياقطب وماتقلقش بس ياحج بعد اذنك بلاش كلاتكم تروحوا كفايه حضرتك وعربيتين بس ))



وأندهشت من قبول عرفه ولكننى استسلمت للأمر ولكن ذهلت أكثر حينما وجدت سيارة تحمل لوحات معدنية مميزة واحدث موديل من ميرسيدس تنتظرنا اسفل المستشفى وخلفها سيارتين بيجو 405 موديل 79 كعاده الصعايده ويبدوا أنهم الحرس أو الغفر بمعنى ادق وبالفعل وصلنا لفيلا ادهم حسنين السيسى والد باكينام والغريب فقد وجدنا الرجل موجود ودخلت أنا ووالد هالوتى وأنتظرت باقى السيارات بركابها فى حديقة الفيلا.



وجلسنا وحضرت الشغالة تسألنا : (( تحبوا تشربوا أيه ؟))



فقال والد عرفه : (( قهوة ساده يابنيتى ))



وقلت فى توتر : (( عصير فراولة لو سمحت ))



فنظر لى الرجل وقال : (( فراوله!!! بتشرب فراوله دى مشاريب حريم دى )) وابتسم محاولا مداعبتى و لحظات وكان والد باكينام يدخل علينا وهو يرتدى بدلة كاملة ويرحب بنا بصورة جيده



ووجدت والد عرفة يقول: ((مش هنطول عليك ياا ادهم بية أنى سليمان عبدالرافع الهالوتى عمده كفر الرفايعه وعين اعيان قنا وكبير عيلة الهالوتى وعبدالرافع))



وفوجئت أن والد باكينام يعتدل ويقول : (( حضرتك اخو النائب على عبدالرافع عضو مجلس الشعب ))



فقال الحاج سليمان : (( ايوة اخويا الصغير ونسيب سعد الــ 00 )) واخذ يعدد اشخاص ومناصب جعلتنى اعتقد أنه لم يتبقى سوى شخصين ويستطيع هذا الرجل أن يستقل بالحكم ووجدت والد باكينام يقوم ويصافحة بشده واصبح اكثر توددا واخذوا يتعارفون اكثر واتضح أن بينهما العديد من المصالح وهنا جلست فى مقعدى اكثر استقرار واحسست أننى (نجم) لدرجة أننى كنت افكر أن اضع رجل فوق الاخرى وادخن سيجار.



وبعد أنتهائهم من عبارات الثناء والتعارف والمجاملات اخبر والد هالوتى والد باكينام عما فعلته ابنتة لتنقذ ابنه فقال والد باكينام فى براءه : (( متقولش كده ياحج ده واجب عليها ده أنا حتى كنت هخدها أنهارده هى ووالدتها عشان نروحلة المستشفى – ده ابنك راجل ده حتى كان فى نفس اليوم متخانق عشانها ده ولد راجل وبطل أنا كنت مستغرب بس بعد ما عرفت مين عيلته عرفت هو جاب الجدعنه منين ))



فقال والد عرفة فى حسم وكبرياء: (( كنا عايزين نسلم على الست الصغيرة ونشكرها ))



فقام والد باكينام على الفور وحضرت باكينام بعد قليل وعلى وجهها علامات دهشه وتعجب ولم تخطىء عيناى عيناها فقد كان يبدوا عليهما اللارهاق والبكاء والحزن ويبدوا أن فى الامر سر ولكنها صافحت والد عرفة وتعرف بها وقد زاد أندهاشها حينما قال والدها يلا بقى كملى لبسك عشان نروح مع عمك المستشفى نزور عرفه.




********************************




حينما وصلنا للمستشفى كانت الوفود مازالت مستمرة لمجاملة عائلة الهالوتى ومنهم بعض الشخصيات العاامة واعضاء مجلس الشعب وكان الامر محير بالنسبة لى ولباكينام فقد كنا نعلم أن الهالوتى من عائلة ثرية نوعا ما ولكنننا لم نكن نعلم أنها بذلك النفوذ والثراء والاصح أن عرفه لم يكن يتطرق لذلك الامر ولا يتحدث عنه فهو شخص على الفطرة متواضع يحيا كما هو وليس كما هى عائلته وكم اتمنى أن يتعلم الكثير ممن قابلتهم تلك الصفة الرائعة التى تجعلك محبوب فى نظر كل من يقابلك اذا كان من تقابل شخص سوى فالتواضع صفه نفتقدها كثيرا فى وقتنا الحاضر.



ولكن احب أن تشاركونى مشهد دخول باكينام ووالدها لغرفة هالوتى وما فعلته والدته ، فعندما دلفنا الى الغرفه اعتدل هالوتى فى جلسته واستبشر وجهه واضاء وهو أول مرة يراها بعد العملية فمنذ ان أفاف لم نكن نعلم عنها شيئا واقتربت منة وكانت تمسك ببعض الزهور البيضاء التى أنتقتها بعنايه خصيصا له وقالت:



(( حمدالله على السلامه يا عرفه ))



فأجاب والشوق يكاد يقتله : (( السلامة دى من ربنا وبسببك يا باكينام ))



فأحمر وجهها واشاحت به بعيد وقاطعها صوت والدته وهى تقول : (( أنتى بجى السنيورة اللى خطفت جلب ولدى فى الأول ودلوقتى دمها بجى بيجرى فى عروجه (عروقه )))



هنا سارت همهمه فى الغرفه وقال عرفة: (( أيه بس يا حاجة اللى بتقوليه ده ))



فقالت والدته : (( بس يا ويلد ، شرفتنا يابيه وأسفه فرحتنا بالامورة نستنا نرحب بيك )) قالت الجزء الاخير وهى تخاطب والد باكينام



فأجاب فى أدب وأرستقراطيه : (( تشرفنا ياافندم وحمدالله على سلامة عرفه))



فقالت وهى تخاطب والد عرفه: (( جلت أيه يا حج الولد رايد البنية ووواضح عليها الاصل والتربية ، وكمان دمهم بجى واحد وأنى ماحبش اللف ولا الدورأن ومش من عوايدنا نخبى حاجة يبقى نقطع عرق ونسيح دمه ))



كل هذا يحدث وأنا وباكينام وعرفة ووالدها مندهشين من حديث تلك السيده وحزمها والسرعة التى يتم بها الأمر فأجاب والد عرفة : (( أحنا يشرفنا طبعا المهم رأى أدهم باشا ))



فأجاب الرجل فى تلعثم : (( ده الشرف لينا بس الأمور ماتمش كده ولا ده وقته ولا مكانه ))



فأجاب والد عرفه : (( عنديك حق شاور أهلك وناسك وفكر وأعرف أن بنتك هتتشال فى عنينا وطلباتها مجابة من جنية لمليون وأسأل علينا زين وأنت تعرف أن كلامى صوح))



فرد الرجل : (( من غير سؤال بس نسيب الموضوع ده شوية الأولاد لسة صغيرين وربنا يقدم اللى فية الخير ))



فقالت والدة عرفة بغضب أنثوى: (( كنك مالكش غرض فى الجوازة دى يا أدهم بيه ))



فقال الرجل فى ارتباك: (( يااافندم ازاى بقى ده شرف لينا أنا عن نفسى معنديش مانع بس الموضوع لسة بدرى شوية قدام شوية ناخد خطوات رسمية ))



فقال والد عرفة: (( خلاص ياا حاجه الراجل عنديه حق وكفينا حديت فى الموضوع ده ولما الباشا يشوف الوقت مناسب يبلغنا عشان نيجى لحدية ونطلب بنته ))



ولكن والدة عرفة لم تستسلم وقالت مخاطبه باكينام : (( جربى جنبى يا حبيبتى – جوليلى مسمعناش رئيك أموافقه على الواد ده ولا لأ ))



فقال عرفة : (( يا حاجة ده سؤال برده ما قلنا بعدين ))



فأبتسمت وأستمرت قائله : (( سيبك منية جوليلى فى ودنى ومتخفيش من حد واصل ))



فأبتسمت باكينام فى خجل شديد وقالت : (( وفى ودن حضرتك لية أنا بحبه )) قالت الجزء الاخير وهى تنظر لعرفة نظره خاطفه قبل أن يتوه كل منهم فى خجلة .



وأبتسم والد عرفة ووالد باكينام من ذلك الاعلان الصريح والراقى والرسمى وفوجئنا بأخوات عرفه يطلقن الزغاريد بشده وكلن منهن تضم باكينام فى حضنها ولا اعرف هل كانت هذة الاحضان حبا فيها أم إنها احضان فحص ومراقبة جوده كعاده النساء فى الصعيد 0



ومنذ ذلك اليوم أصبحت العلاقة أكثر قربا بينهما وأصبح عرفة يتردد على منزلهم للمذاكره سويا ويساعدون بعضهم البعض فى مشاريع قسمهم التى لاتنتهى ولكنه كان يحكى لى أنه يشعر أن والدتها لاتحبه وتنظر له نظرات دونيه ولكنه لا يهتم بهذا الامر فالمهم عنده باكينام كما أن والدها كان يقابله مقابلة حسنه وأخوها عمر ايضا .



****************************


-9-


مرت الايام سريعه ومتلاحقة كعاده الزمن الذى نعيش فية وأصبحنا فى السنه الثانية وفى يوم من الايام قال لى عرفه وكنا نجلس عند الكشك نحتسى التانجورين (شويبس يوسفى) والمولتو وننتظر بعض الأوراق التى نصورها عند أمل فى الجهة المقابلة من الكلية : (( أنا عايز اشترى عربية ))



فنظرت له نظرة ذات مغزى ثم قلت : (( تؤتؤتؤتؤ))



فقال فى أندهاش : (( فى أيه ياابنى ))



فقلت : (( مافيش أتشترى ))



فاجاب فى حزن : (( بس أنا مابعرفش اسوق ))



فقلت وأنا منهمك مع المولتو: (( ياعم مفيش اكتر من البشر اللى بيسوقوا فى الشلة اشقر جمال مينا أحمد طارق يوووه كتير اى حد يعلمك يااابنى ))



فاجاب فى استنكار: (( لالا اشقر قليل الادب وعصبى وجمال نحنوح ووووقته للحريم هيظبطنى مرة ومش هلاقية بعد كده ومينا هيعقدنى هيقعد يقولى وش السلندر ودافع الحركة ومش عارف أيه وأحمد طارق هيشرد واكيد طبعا هبقى دزمه فى الأول وهيجى يمسكنى تريقه ))



فقلت : (( بسيطة الشال ميدا عبدالعظيم مصطفى عمرو الحج هرم اى حد مش مشكلة ياعم))



فاجاب : (( لالا دول صحابك أنت ومايعرفونيش قوى وأنا بصراحة اتحرج ومش هبقى مرتاح ))



[وأنتظر أن أجيبه ولكننى كنت منهمك مع ملك وكانت تجلس جوارى تحتسى (وبتضرب ديو ) وتأكل كرانشى فكنت ادعابها فى محاولة للحصول على بعض الكرانشى سفلقة ولكن البنت كانت واعيه ومطلعه عينى ومش عايزة تدينى ]



[فغضب هالوتى فوجدته يصفعنى على ...... لالا مش قفايا ....... لالا والله ماهو قفايه عشان أنا عارف البشر هتتخيل القفا على طول المهم صفعنى مكان ما صفعنى] وقال : (( أنت يا دزمه ماتفوق معايا أنت بتظبط ومطنشنى ))



فنظرت له فى براءه : ((لالا أنت اتغيرت ياعرفة بتضرب وبقت تعرف تقول تظبط وسكنت فى مدينة نصر وعرفت البرفانات وكلت الايس كريم والعيش التوست ورجلك خدت على مصر الجديده وعايز تجيب عربية ومش بعيد الاقيك فى يوم من الايام بتفاجئنى وماسك نوبيل ))



فوجدتة يبتسم ابتسامة عريضه وهو يضع يده فى جيبة ويخرج شىء صغير اسود اللون فقلت له : (( أيه ده يلا ولاعه؟؟ ))



فقال بزهو : (( ولاعه أيه يا جاهل ده نوبيل احدث حاجة بيسموه فى ))



فقلت وأنا اكاد اموت ضحكا : (( فى ازاى يابن الحج هالوتى اسمه v ))



فرد كاذبا : ((ماأنى عارف بس كنت بستمحنك ))



فقلت : (( مين جابهولك ده ياعرفه ))



فقال فى سعاده : (( أمى حبيبتى ))



فقلت : (( أمك هتعرف ( الفى ) منين ياعرفة دى اخر حاجة سمعت عنها اللفلفون اللى حداكم فى الدرا))



فقال : (( بس يادزمه- لا أنى قلتلها وهى بعتتلى الفلوس))



فقلت فى صدق: (( طب ماتخلى امك تتبنانى يلا ياعرفة ))



فقال بتعالى : (( نفكر))



فقلت باسلوب سوقى وبصوت مرتفع : (( قشطة ياعم اللى اداك يدينا ياسيدى يااخونا الهالوتى جاب موبيل – يا ((ابو شيماء)) الهالوتى جاب موبيل --- ااااااااااامل الهالوتى جاب موبيل يااخونا الهالوتى جاب موبيل ))



ولم ينتهى الامر عند ذلك الحد فكليتنا كلها تتلهف على المزاح والسخريه فحضر بعض الاصدقاء يهنئون الهالوتى ويحصلوا على فرصتهم لمداعبته حتى أبو شيماء مالك الكشك ، وامل موظفة التصوير لم يدعوه وشانه اما ملك فأهدته مصااصه بمناسبة دخوله عالم الموبيل وحضر يسرى السائس مهرول وهو يقول: (( يلا بقى ياااستاذ هالوتى شد حيلك وجيب عربية عشان تنفعنا))



ثم اكمل: (( طب مفيش بقى حلاوة للواد سمير ابنى الصغير عشان يدعيلك))



فقلت مازحا : (( أيه ده يايسرى أنت عندك سمير ))



فقال : (( اه يااابشمهندس قطب ده غير يسريه ويمنى ويسرا ))



فقلت فى تاثر مصططنع: (( لالا اللة يكون فى عونك - اديلة ياعرفة عشان سمير يدعيلك)) ونظرالي هالوتى وهو يكاد ينفجر من الغيظ .



وفى نهاية ذلك اليوم عندما خرجت من محاضرة ماده الالات الممله التى كالعاده لم افقه فيها شىء وجدت الهالوتى يجلس هو وباكينام عند الرصيف المجاور لمدخل قسم زخرفة فودعت بعض الاخوة اصدقاء الكفاح ابناء المجموعه الأولى وذهبت فى اتجاههم وبعد المناوشات العاديه بينى وبين باكينام قال هالوتى :



(( احنا عايزينك فى موضوع ياأحمد ))



فقلت مداعبا : (( أحمد أيه أحمد دى لالا ده يبقى الموضوع كبير يابنى أنا نسيت اسمى من كتر ماأنتوا شغالين قطب قطب))



فقالت باكينام : (( ماتهمد بقى يا قطب خلينا نقولك عايزينك فى أيه ))



فقلت وأن أنظر اليها : (( أنتى عنيفة قوى يا موزاازيل براحة شوية لما يكون بعلك موجود ماتنطقيش ))



فقالت : (((( يووووووووه بقى ياأحمد اسكت ))



فاغلقت فمى بشكل كوميدى وامسكته بيدى واشارت اليهم أن يتحدثوا فقال هالوتى : (( باكينام عايزة منك خدمه ؟ ))



فأشارت وأنا مازلت امسك فمى أن يكمل فقالت باكينام : (( أحمد أنا واقعه فى مشكلة كبيرة قوى ومحدش هيساعدنى غيرك ))



فأحسست أن فى الامر قصه فأعتدلت فى جلستى وقلت : (( فى أيه قلقتينى ))



فقالت : ((عمر اخويا ؟ ))



فقلت : (( اهلا وسهلا -- ماله ؟ ))



فقالت فى تأثر بالغ : (( بيشرب بانجوووو ومش بعيد يبقى بيشرب حشيش كمان )) واغرورقت عينيها بالدموع



فكتمت الضحك وقلت فى استياء مصطنع: (( ده تهريج بانجووو يا ساتر يا ساتر وحشيش كمان ايه كراكون فى الشارع لالا متقلقيش بس ...........))



فقال عرفة فى بلاهه : (( كراكوون فى الشارع أيه يا بنى ؟؟؟ ))



فاجبت مازحا : (( بتاع عادل امام لما كان بيقول ليسرا أنا شرررررربت حشيش يااا زوعااااد (سعاد ) ))



فنظرا الي باستياء فأكملت بلا مبالاه: (( أنا أيه علاقتى يعنى واساعدك ازاى أنا يااخونا مش ضريب ولا مدمن مخضرم أنا اخرى يااخونا شيشة وكده ابقى فجرت هنفعكم ازااى مش فاهم))



فقال عرفه: (( عمر ما رحش للطريق ده غير لما فشل فى حبة والبنت اللى بيحبها سابتة وبعدت عنه عشان مؤامرة وسخة عملها شوية عيال عشان يوقعوا بينهم والبنت صدقت أن عمر بيخونها ومش مخلص ليها فبعدت ))



اكملت باكينام : (( ومن ساعتها وهو اتعرف على شله ذباله وبنات ذباله وبقت حياتة زفت ومش عارفه اعمل أيه))



فأكمل هالوتى : (( وبما أنك جدع وخبير فى الحوارات دى ورئيك بينفع يعنى وكنت السبب ال مباشر أن أنا وباكينام سوا دلوقتى شوفلنا حل لموضوع عمر وعليا ))



فقلت ساخرا : (( ياسلام لية حد قالكم أن قاضى غرام ده أنت وباكينام جت كده عشان صحابى وصدقتكم لكن اللى أنتوا بتقولوه ده هبل وتضييع وقت وفراااااااااغ ))



فقامت باكينام : (( كده ياأحمد يعنى مش عايز تساعدنى ميرسى قوى ))



فقلت : ((( هنعمل بقى زى العيال الصغيرة ونتقمص عشان موقف اهبل ))



فقال عرفة : (( اقعدى بس ياباكى خلينا نوصل لفكرة))



فاجبت : (( فكرة أيه ياغجر ده أنا لا اعرف عمر ولا البنت ولا الوسط بتاعهم ولا تفاصيل الحكايه وده مهم جدا يبقى هساعد ازاى بس ))



فقالت باكينام بسذاجه : (( اسمها عليا))



وأكمل عرفه : (( وبعدين يااعم خلاص الأمتحانات قربت نخلصها وفى الاجازة هنبقى فاضيين وتشوفلنا حل -- الموضوع مش بنت وولد الموضوع الفشل اللى بقى فية عمر مش عايز تساعد بنى ادم عشان يبقى احسن ))



فصمت قليلا ثم قلت : (( طيب ربنا يسهل لما نخلص أمتحانات نبقى نشوف الموضوع ده وأنتى متتعصبيش وتتقمصى قوى كده )) قلت الجزء الاخير وأنا احرك يدى أمام باكينام وكأننى سأضربها .



وتحركنا مغادرين الكليه وما ان خطوت خارج بوابة الكليه حتى أشار لى صديق من بعيد فنظرت اليه وانا اخطو الى الشارع غير منتبها وفجاءه وجدت نفسى اسبح فى الهواء ولم اشعر بجسدى وسمعت صووت هالوتى من بعيد يصرخ ((حااااااااااسب ياااااا ااااحمددددد)) وتبعه صوت باااكينام وهى تصرخ (( عليااااا)) قبل ان ادخل فى غيبوبه عميقه




******************************************




حينما افقت وجدت نفسى على سرير ابيض واحسست بثقل فى ساقى اليسرى وبالنظر تبينت أننى فى الجبس فأردت أن اتحسس ساقى فلم استطع تحريك يدى اليسرى ايضا وبالنظر مرة اخرة وجدتها فى الجبس ايضا ولم استوعب تماما الا عندما سمعت صوت هالوتى يقول لى :(( حمداللة على السلامه ياغالى ))



فقلت بصوت غير واضح : (( هو أيه اللى حصل ؟ ))



فقالت باكينام : (( أيه بتقول أيه ؟ ))



فقلت فى عصبية وصوت مرتفع: (( ااااااااااأيه اللى حصلىىىىى ده ))



فسمعت صوت يقول ده حادث تصادم نقلت على أثرة لمستشفى القصر العينى وبعد تركيز أكتشفت أن من يحدثنى امين شرطة وشاهدت أشخاص كثر فى الغرفه وفتاه منهارة فأغمضت جفنى لاستعادة التركيز ثم فتحت عينى وقلت : (( مين بقى الللى شحورنى كده ))



فوجدت الفتاه المنهاره تقترب منى وتقول: (( أنا ))



ثم أكملت باكينام قائلة: (( قطب دى عليا صحبتى اللى كنت حكتلك عنها قبل كده فاكر))



فقلت بأقتضاب وقسوه : (( لا مش فاكر ))



وفجاءة اقتحم اشقر وجيمى الغرفة واقتربا منى قائلين: (( قطب مين اللى عمل فيك كده ))



فقلت فى حزن : (( أنا اتشحورت يااخونا ، لا وأيه على ايد بنت ))



فقال اشقر: (( هى فيييييييييييين ))



وقال جمال : (( دى هتروح فى 60 داهية ))



فقال هالوتى : (( براحة يااخونا عليا هانم ماكنتش تقصد)) قالها وهو يشير لعليا .



وحينما شاهد جمال وأشقر الفتاه وجدت جمال يقول : (( اه طبعا اكيد ماكنتش تقصد لالا ولا يهمك متعيطيش))



والاشقر اكمل: (( يلا حصل خير مش المهم أنك تمام يا قطب والمسامح كريم بقى ))



(ملحوظة البنت كانت على قدر كبير من الجمال)



فقلت بسخرية : (( اهلا أنا أتباعت فى لحظة ، أخرس يلا أنت وهو ))



فاقترب منى رجل وقور وهو يقول : (( أنا والد عليا يا أبنى وأنا اسف جدا ومستعدين لتحمل اى حاجة واللى أنت عايزة بس نحل الموضوع ودى هى زى اختك ومدام أنت بخير ماترضاش أنها تتبهدل فى الاقسام ))



وصدق على كلامة كل من كان بالغرفة [وكل واحد ونيتة اللى وافق شفقة وطيبة واللى وافق تظبيط زى اشقر وجمال] فصمت قليلا ثم قلت : (( فين الدكتور ؟؟ ))



فحضر الطبيب وبادرني بابتسامة قائلا : (( حمد لله على السلامة يا وحش ))



فقلت وأنا ابتسم مجاملة : (( الله يسلمك يا دكتور ممكن اعرف حالتى بالظبط ))



فرد: (( أنت عندك كسر مضاعف فى رجلك اليسرى وأيدك اليسرى بس الحمد لله مفيش اى نزيف خارجى أو داخلى هى شوية ردود بسيطة يومين وتروح واصابة بسيطة فى الوجه ))



فصرخت : (( ااااااااااأيه وشىىىىى يا نهار اسود- مرايه ))



فقال الدكتور: (( ماتتخضش يا أبنى دول غرزتين فوق حاجبك الشمال ومش هيبقى ليهم اثر بعد كده ماتقلقش))



فقال هالوتى : (( وبعدين ياقطب دول غرزتين يكسروا العين عشان أنت عارف جاذبيتك الرهيبه))



فقلت فى ضيق: (( ولا أنت هتشتغلى وتعملى فيها حمامة سلام – انا وشى متشلفط طبيعى كمان غرزتين يعنى مستقبلى ضاااااع ))



فضحك الجميع من اسلوبى ولا اعرف لما ولكن وجدت أمين الشرطه يقول بتزمر : (( ها يا استاذ هتتنازل ولا لا عشان نخلص))



فقلت فى مفاجأة : (( لا))



فصمت الجميع وكأنهم فوجئوا برد فعلى وكان أول من تخلص من الصدمة باكينام وقالت : (( قطب عشان خاطرى لم الموضوع بقولك دى عليا – وبعدين بقى ده مش اسلوبك أنت الخبطة أثرت على مخك ولا أيه)) قالت الجزء الاخير بعصبية ولكزتنى بقوه فى يدى المكسورة .



فقلت : ((ااااااااااااااااااااااااااااااه ))



فقال هالوتى : (( أيه يا بنتى اللى بتعملى ده عشان خاطرى أنا ياقطب اتنازل)) وأمسكنى من وجنتى بحركة عصبية



فاجبت بأصرار: (( لااااااااااااااااااا مش هتنازل ))



فقال والدها ثائرا : (( طب يابنى أنت هتستفاد أيه بس من بهدلتنا كده وبعدين أنت اللى كنت بتعدى الشارع غلط ))



فأجبت موافقا : (( كويس قوى معنديش مشكلة خلى القانون يطلعها براءه واطلع أنا غلطان بس برده مش هتنازل))



وحاول معي الجميع دون جدوى فلم يجد الامين بد من تدوين اقوالى واقوال الشهود واقوال البنت ثم قال : (( للأسف يا أستاذة لازم تروحي معانا القسم عشان هتتعرضى على النيابة الإصابة اكتر من 21 يوم ))



وهنا دلفت أمى الى الغرفه وبرفقتها ابراهيم ومحمد واقتربا منى وبعد عبارات الهلع والخوف ومشاعر الأمومة والأخوة قالت أمى : (( مين اللى صدمك ؟ ))



فأشار الجميع لعليا التى مازالت تبكى فقالت بهدوء : (( تعالى يا حبيبتى )))



وجلست تتحدث معها وعلمت تفاصيل وملابسات الحادث ولم تكتفى بذلك بل اكملت مسلسل التعارف بالفتاه ودراستها واين تقطن والى اين كانت ذاهبه وكانت الجلسه بينهما حميميه جدا وكأن الفتاه بنت اختها ثم التفتت الي وسألتنى مندهشه : (( وأنت مش عايز تتنازل ليه يا أحمد ؟؟))



فقلت بأقتضاب وأصرار : ((من غير ليه مش هتنازل ))



ومع اخر حروف كلماتى دلف عمر شقيق باكينام ويبدوا أن ما توقعته قد تحقق فقد أخبرت باكينام أخيها بالحادث فقدم على الفور حتى يطمئن على حبيبته ثم اقترب منى وأطمأن علىي وعلم ما يحدث ورفضى التنازل فاقترب منى وقال : (( أنا أول مرة هطلب منك طلب ومش عارف هتكسفنى ولا لا اتنــ.....))



قاطعته وأشرت إليه بيدى اليمنى أن يقترب أكثر منى فأقترب فهمست فى أذنه : (( هتتلم وتسيب الشلة الذبالة اللى أنت ماشى معاها وتبطل البانجو اللي بتضربه ولا لأ))



فانتفض عمر وحدق فى وجهي وقال فى خفوت: (( أنت بتتكلم عن أيه ؟؟ ))



فقلت فى لامبالاه : (( براحتك يبقى مش هتنازل))



فقال يلهفه : (( خلاص حاضر حاضر بس أنت عرفت منين ؟؟))



فأجبته محذرا : (( هقولك بعدين وهخليك قدامهم أنك الوحيد اللى قدرت تقنعنى وأنقذتها من البهدلة بشرط تحترم نفسك وتحافظ عليها بعد كده وإلا هفضحك عند اهلك ))



فأجاب بأمتنان: (( بجد يا أحمد والله هعمل كل اللى أنت عايزه ))



فقلت بعباراتمثيلية واصرار زائف : (( لالا مش ممكن أنت بتقول أيه يعنى هى ماشية تتكلم فى الموبيل وتدوس على ولاد الناس وأسيبها))



فأتسم بالفطنه وقال مجاريا حديثى : (( ما أنا بقولك عشان خاطري بقى دى عليا غالية علينا وتعتبر من العيله وبنت طيبة قوى والله ))



فقلت لزيادة الإتقان: (( لالا دى مستهترة ))



فقال فى غضب: (( لا بقى ماتقولش كده دى اخر واحده يتقال عليها كده حاسب على كلامك يا أحمد))



فصمت قليلا وكأنى أفكر فى الأمر وقلت : (( طيب عشان خاطرك أنت بس يا عمر – تعالى يا أمين أنا هتنازل ))



فقال والدها بأدب أخجلنى : (( شكرا قوى يا أبنى وكل اللي أنت عايزه تحت أمرك))



فأجبته بأسلوب يحاكى أدبه : (( لا يا أفندم أنا مش بقبل عوض وبعدين متشكرنيش أنا - عمر هو السبب يعنى هى مدينه لعمر مش ليا ويا ريت تاخد بالها بعد كده ))



وبالمتابعه لتعبيرات أصدقائى وأمي لعلمنا أنهم فى ريبة من الأمر برمته ويشعرون أن فى الأمر سر والفضول سيقتلهم ليعرفوا ماذا دار بينى وبين عمر .



وفى اليوم التالى بعد الاطمئنأن على حالتى سمحوا لى بالعوده الى المنزل ولست فى حاجة لأن اخبركم أن الهالوتى كان ملازما لى فى الفراش وكل ااصدقائى حولى (واللى تخاف منه ميجيش احسن منه) فقد تطوع الزملاء لتنفيذ كل المشاريع التى تنقصنى بالنيابة عنى



وعندما ذهبت الى الكلية للتسليمات والتقييمات العمليه والنظريه فما أن يرانى أى دكتور ادخل على مقعد متحرك ورجلى ويدى مكسورتين الا ويكون النجاح حليفى بمجرد النظر وكل اعمال السنه لكل المواد قد نجحت فيها .



*****************************************




وفى احد الايام وأنا اجلس على مقعدى تحت الشجرة الكبيره المقابله لقسم خزف والتى خلفيتها مكتب دكتورة اهداف وكيلة الكلية أتناول ( الدرنك بتاعى ) بعد أن أنتهيت من تسليم مشروع اخر المواد العمليه شاهدت الهالوتى يقترب ومعه باكينام التى كانت قادمة وهى تنظر فى الارض خجلا فمنذ أخر مرة كنا فى المستشفى لم تسأل عنى فقد كانت غاضبه منى لأننى رفضت طلبها بالتنازل .



فبادرنى عرفه قائلا : (( ها خلصت ياباشا تسليمات ))



فقلت وأنا امزمز ميرندا: (( اة الحمد لله ))



وقلت مخاطبا باكينام: (( ازيك يا أموره أيه اللي جابك وخلاكى تتنازلي وتيجى تسلمى عليا))



فقالت : (( بس بقى ياأحمد أنا زعلانه قوى منك))



فقلت بوقاحه : (( لا أنتى حماره ))



فقال عرفة: (( قطب ))



فقلت: (( وأنت كمان حمار ))



ولم اسمح أن يتحدثا ولكنى اكملت قائلا: (( ممكن تقوليلى عمر و عليا عاملين أيه مع بعض دلوقتى ))



فقالت فى ترقب: (( رجعوا لبعض وكويسين قوى))



فقلت: (( وعمر رجع زى الأول وبقى كويس وساب الشلة اللي كان ماشى معاها والتفت لمستقبله ولا لأ ))



فقالت فى أندهاش: (( ايوة صح ))



فقلت : (( ومدام ايوة صح يا غبيه أنتى وهو يبقى لسة مفهمتوش اللى أنا عملته فى المستشفى ده كان ليه؟ ))



فسكتا قليلا ثم أنفرجت اسريرهما علامة الفهم فقلت: (( كل واحد فيكم يضرب التانى بالقلم ))



فقالت باكينام بخجل وتلعثم: (( بص بقى - خلاص بقى - أنا اسفة بس أنا مفهمتش خالص أنك كنت بتعمل ده كلة عشان عمر يرجع لعليا أنا قلت أنك نسيت))



فنظرت إليها ولم أجيب وملامح وجهى تعبر عن الامتعاض وبعد قليل تجمع بعض الأصدقاء شباب وفتايات و فجأة سمعنا أصوات ضخمة تأتى من الخارج وأرسلنا مندوب ليرى ما الأمر وعاد ليخبرنا قائلا : (( دى مظاهرة رهيبة عشان فلسطين جامعة القاهره كلها برة والدنيا مقلوبة))



وبعد قليل وجدنا مظاهرة تخرج من كليتنا فقد كانت تدور فى تلك الأيام الانتفاضة وتأججت مشاعر الغضب فى الشعب المصرى وخاصة بعد مقتل الطفل محمد الدرة وهم البعض من أصدقائنا بالخروج الا أننا فوجئنا ببشر تدخل من باب الكلية هربا من الضرب والقنابل المسيلة للدموع وفى لحظات ساد الهرج والمرج وأغلق الأمن البوابات بأعجوبة وسمعنا أصوات طلقات رصاص وأمامي مباشرة وجدت شيء يسقط ويحترق ودخااااااأن كثيف يعم المكان والكل يهرب وتركوني أنا والقنبلة وأصبحت فى ثواني اعمي.



كارثه هي القنابل المسيلة للدموع ففي لحظات عم المكان دخان كثيف لا تستطيع معه فتح عينيك ناهيك عن السعال الشديد وفى محاولة يائسة حاولت أن اهرب بالكرسي ولكن كل المكان أصبح مليء بالدخان ولم اعد أرى شيئا وأخذت أصيح :



( يا هالوتى يا جمال يا أشقر يا معطى يا شال يا يا)) ولا احد يجيب أندال



وفجاءة وجدت صوت يقول:(( أستاذ قطبو يا أستاذ قطبو ))



فقلت : (( أنت مين يا أبنى ))



فقال : (( أنت فين يا عم ده أنا بدور عليك))



فقلت بسخرية: (( أنا هنا أهوة بتشمس – يا عم أنت هتحكى ؟؟؟ تعالى خلصني ))



فوجدت يد تمسك مقبض المقعد وتدفعني بقوة وصاحبها يقول: (( أنا ميدا يا عم الأعمى ، سالت عليك وإحنا فى المخابئ ء تحت عرفت من الأخوة أنهم فقدوك أثناء المعركة فطلعت أدور عليك))



فقلت فى تأثر: (( فيك الخير يا أبنى والله العيال الدزم سابونى )



ثم سكت وقلت مستدركا : (( مخابئ أيه ؟؟ ))



فقال : (( يا أبنى الكلية كلها فى البدروم تحت ))



واخيراااااا أنقشع الضباب ولكنى لم استطع فتح عيني مباشرة ولكن بعد فترة استعدت الرؤية قليلا فوجدت الكثير من الطلبه ووجدت عبد المعطى وبعض الأخوة خالعين (التى شيرتات) ويرتدونها كقناع ويقفون بالــ (الحملات)) .



فقلت مندهشا : (( أيه ده يا جدعان أنتوا قالعين ليه ؟؟))



فقال عبدالمعطى: (( عشان السمياااا ت)) بضم السين .



فقلت : (( سميات أيه يا معطى ؟؟))



فقال بزهو : (( عنينا يا جدع ده بقى عامل زى القناع بتاع حرب الخليج ودي فكرتي و بشرفي أخد عليها براءة اختراع))



وأكمل أشقر: (( ولاد ال ... خدونا على غفلة وهاتك يا ضرب فى كل حته ))



ثم أكمل الحج هرم قائلا: (( حدش شاف الشيخ ألدو وماجد يا جدعان ))



فقال جيمى: (( أخر مرة شوفناهم كانوا خارجين يجبوا حاجات من الكشك قبل ما تبتدى المظاهرات ))



فقال الشال : (( يعنى أكيد أتزنقوا بره فى المظاهرات))



فقال أحمد طارق: (( أتزنقوا أيه قول أتنفخوا ده زمانهم بيعملوا عاجين الفلا حه ونوم العازب بره ))



فقال الهالوتى : (( محدش منيهم معاه موبيل نتصل علية نطمن ))



فقال ميدا : (( اه الشب ماجد معاه خد الرقم ))



واتصل هالوتى على ماجد وأنتظرنا ونحن نسمع الجرس ولم يجيب وكرر المحاولة ثلاث مرات وفى المرة الرابعة اجاب ماجد وهو فى حالة اعياء قائلا: (( ايووووه مين ؟؟))



فقال هالوتى: (( ايوة يا ماجد أنى عرفة أنتوا فين طمنونا عليكم ))



فقال ماجد: (( احنا بنتفحت يااخونااااااااااا – احنا اتزنقنا برة واخيرا نطينا من على سور الأورمان بس ولاد ال .... مش عاتقنا محاصرين الجونينة وشكلنا هنتروق))



فقال معطى: (( اقولهم يلا أنا يهووودى هيسبوك على طول هههههههههههه))



فقال ماجد: (( أنت عارف حتى لو قلتلهم أنا شارون محدش هيعتقنى دول ناويين ومستحلفين العيال بتوع جامعة القاهرة قلبوا عربيات الامن المركزى اللة يخرب بيوتهم ))



فقال الحج هرم : (( ولا ياماجد الشيخ الدوا فين ))



فقال ماجد: (( الدو مين ؟؟ معرفوش احنا نطينا من السور وقلتلوا يا ألدو يا أخويا هى دى نهاية الرحلة أنت من طريق وأنا من طريق ده هو السبب فى أنهم جريوا ورانا ، اهرب لوحدك ، ألدو بدقنه دى أكيد هيعتقلوه هيعتقلوة))



فقال عبدالعظيم: (( يعنى بعته ياندل))



فقال ماجد ثائرا : (( ده أنا أبيع أمى دلوقتى يا نهاااار اسود دول دخلوا علينا الجونينه سلاااااااام )))



وطبعا كعادة ندالة الأصدقاء اخذ الجميع فى إلقاء النكات والضحك والسخرية من الموقف الذي يتعرض له صديقينا بالخارج وبعد فترة من الزمن أردنا الخروج من الكلية من أجل العودة لمنازلنا وهنا أصبح الجميع كالملائكة :



فقال عبد المعطى: (( يلا يا قطب يا حبيبى عشان أروحك ))



فرد جمال: (( لالا قطب جه معايا وهيروح معايا ))



فقال اشقر رافضا : (( لايمكن قطب حبيبى هوصلة لحد باب البيت ))



وقال هالوتى: (( وأنى ساكن جنبيه يعنى اللى هيروح معاه قطب أنى مروح معاه ))



فنظرت اليهم جميعا وقلت: (( يا حبايبى أيه يا عيال الحنية دى كلها – ولا واحد منكم يا دزم عشان تسبونى مرمى فوق لوحدى))



ثم أكملت : (( يا أستاذ ميدا معاك جاميكا ))



فقال: (( ايوة يا أستاذ قطبو هى بعافية شوية بس لسه بتمشى ))



وقد كانت جاميكا هو الاسم الحركى لسيارة ميدا اسكودا فليشيا بس متعرفش ليه دايما زعلانه وبعافية على طوول وقد كان ميدا جار لى انا وهالوتى حيث يقطن فى الشارع الموازى لنا وخرجنا من باب الكلية وعلى الرغم من أن الامن كان عامل كردون وممنوع المرور الا أنني كنت جواز مرورهم نظرا لحالتي الصحيه ووصلنا عند مترو فى ميدان المساحه حيث يترك ميدا سيارته هناك .



ولقد كان هذا أخر يوم فى تسليمات العملي وجلسنا استعدادا لامتحانات النظري وقد كان التجمع فى بيت العز وهو بيت هالوتى فقد كانت حلقات المذاكرة هناك ، ومن هذا المنزل خرجت أحلى الملخصات وأحلى فتي وأحلى تأليف وكان ملتقى كل الأقسام

**********************************

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

بجد قصة رائعة وقريبة اوى من جيلنا وعجبنى اوى شخصية احمد قطب وطريقة حوارهم وبرده شخصية الهالوتى بتضحكنى اوى انا لسه مكمهلتش بس ناوية اخلصها الاسبوع ده