الخميس، فبراير 10، 2011

الطريق الى الميدان- الجزء الاول



إهداء




(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )



صدق الله العظيم




إلى الشهداء من هذا الوطن ، الى الأمهات الثكالى ، الى النساء الأرامل ، الى الآباء ، الى كل مصري آمن وصدق وحلم بيوم يخرج فيه الابطال من هذا الوطن ليطالبوا بالحريه.


الى الثوار في ميدان التحرير ، الى كل من يحلم بمستقبل افضل لوطنه واهله ، الى من أدعى اننا جيل النضال المجاني .


الى الرجال والنساء الذين كانوا معنا والذين لم يكونوا معنا ، الى من يشعر ان الثورة لم تكن واجبه ، وان الامر برمته كان يمكن تفاديه ।


الى الشباب الذي رابط مدافعا عن اهله وبيته وعرضه عن اصحابه وجيرانه الى ابطال الحماية الشعبيه ।


الى الجيش المصري الحصن الحصين .


الى الشرفاء من رجال الداخليه فقط .


الى السيد رئيس الجمهوريه لعله يعرف انه إذا رغبت الملوك عن العدل . رغبت الرعية عن الطاعة


الى السياسيين والمحلللين الى الاحزاب واشباه الاحزاب،الى الحركات ، الى كل من يريد ان يعرف ويتدبر كيف وصلنا الى الميدان ... ميدان الحري





أهدي رواية الطريق الى الميدان ... لعلنى استطيع ان اشارك الثوار احلامهم ،ان لم يكن بيدي فبقلمي .




أحمد قطب




-1-


(ان الظلم يجعل من المظلوم بطلاً، وأما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء)

....... المناضل الليبي عمر المختار

لندن-يونيو-2010

دق جرس الباب فى منزل المهندس معتصم حلمى فى شارع ادجوار رود فى العاصمة البريطانية لندن ، وهو شارع عربي اسلامي خالصا من محلات ومطاعم وشقق فالذي يمر بهذا الشارع يصاب بالذهول من كثرة المطاعم العربية والبقالات التي تبيع ابسط الأحتياجات اليومية المستوردة من بلادنا من معلبات ومعجنات وخلافة، ويكاد المرء يشعر انة بعاصمة عربية حيث ان الغالبية العظمى من مرتادي الشارع هم من السياح او المقيمين العرب ويمتاز هذا الشارع بموقعة الأستراتيجي لحديقة الهايد بارك وشارع اكسفورد (شارع التسوق المميز) وايضا ليس ببعيد عن منطقة نايس بريدج الراقية ، والتي من اشهر معالمها محلات هارودز الشهيرة حيث لا يتطلب الوصول اليها اكثر من20 دقيقة سيراعلى الأقدام داخل الهايد بارك


اجاب معتصم وهو يغادر المطبخ حاملا كوبا من الشاى :- ( مين ؟ )


ثم فتح الباب فوجد صديقة معتز شاكر وزوجته منى الشهاوى فقال مداعبا:- ( مش عايزين انهاردة فوتوا علينا بكرة ) وهم بغلق الباب


فاجابة معتز وهو يدفع الباب ويدلف للداخل هو ومنى:- ( انت فين يابنى ؟ ، اذا مكناش نسال عليك متسالش كدة !!!)



فقال وهو يغلق الباب ويتجة الى كرسية المفضل ليجلس امامهما :- ( ماانت عارف يا معتز الرسالة مطلعة عينى وانا عايز اخلص الدكتوراة بسرعة مش عايز اطول زى الماجستير)


فقالت منى باستهجان وهى تتجه للمطبخ لتبحث عن مشروب تتناولة :- ( اللى يسمع كلامك يقول انك هتخلص وتجرى على مصر ، ماانت ناوى تقعد هنا ومش راجع مستعجل لية بقى؟؟))


فاجابها وهو يفتح جهاز الحاسب :- ( مستعجل عشان انجح ، عشان اثبت لـــ اللي سرق حقى فى التعيين انى احسن منه ومن ابنة اللى جابه مكانى )


فتنهدت منى وهى تناول معتز كوبا من الشاي الساخن :- ( انت مش ناوى تنسى بقى يا معتصم ؟)


فاجاب فى برود:- ( لا مش ناوى وبفكر نفسى فى كل لحظة عشان محنش لبلد ظلمتنى )


فقال معتز مستنكر:- ( مصر مظلمتكش يا معتصم مش معنى ان فى دكتور فاسد وعميد كلية متآمر نكره بلدنا )


فأجاب معتصم ساخر:- ( قول بلدهم يا سيد مش بلدنا ، وسيبك بقى من جو مصر دى امي على رأي الصحفى اللى قال دي مرات ابويا ، مصر دى بلد اسمها موجود فى جواز سفري مش اكتر وكلها سنه وهحطة فى الدرج ومش هطلعه تانى وهبقى مواطن انجليزى وجواز سفرى يكون بريطانى )


فأجابته منى بحده متسائلة :- ( وهتحط اية كمان فى الدرج يا معتصم ، اهلك ؟ ولا اصحابك ؟ ولاذكرياتك ؟ ولا لغتك ؟ ولا دينك ؟ ولا عروبتك ؟ ولا اية يا معتصم ؟)


ثم اكملت :-( وبعدين يااخى احمد ربنا انك ابن جراح كبير مشهور وامك دكتور مشهورة وميسورين ومش محتاج ، سافرت وبتحقق حلمك وبتعمل دراساتك فى اعظم جامعات العالم ، اامال الفقرا والغلابة يعملوا اية ؟)


فساد صمت قليل بعد كلمات منى فألتقط معتز طرف الحديث وقال مخاطبا معتصم :- ( مصر يا معتصم مش فرد ولا مكان ولا وطن بنعيش فيه هقولك اللى قاله البابا شنودة مصر وطن بيعيش فينا )

فقال معتصم فى حدة:-( ده انتوا كده بتفصلوا كلام جيفارا على مصر لما قال لكل الناس وطن يعيشون فيه الا نحن فلنا وطن يعيش فينا)


فردت منى معاتبه :- ( مصر يا معتصم مش محتاجة شعار يتفصل ليها ، بلدنا مش احسن بلد فى الدنيا لكن فى عنيننا وكيانا هى اجمل وطن فى الدنيا حتى واحنا مش عايشين فيه لان مصر عايشة فينا فعلا )


فأختنقت الكلمات فى حلق معتصم وقال وهو يجاهد لتخرج الكلمات من فمه :- ( مصر مصر ،تقدر تقولى يعنى اية مصر يا سي معتز ؟ )


فقالت منى بحزن :- ( افتح الفيس بوك يا معتصم ودور على جروب اسمه مين بيحب مصر ؟ هتلاقى كلمات بترد على سؤالك دة )


فأدار معتصم وجهه باتجاة الشاشة وابتدى البحث عن الجروب المذكور وحينما وجده قال موجها حديثه لمنى :- ( اهو ياستى فين بقى الرد على سؤالي ده؟؟ )


فأقتربت منى ومعتز من الحاسب وحركت اصابعها على لوحة المفاتيح لتضغط تدوينه بعنوان يعنى اية مصر ؟ وقالت موجهه حديثها لمعتصم :- ( اقرا يا معتصم بس بصوت عالي )


فبدأ معتصم بالقراءه وكانت خواطر بسيطة لشاب مصرى يبحث عن معنى داخله لكلمة مصر ......................


يعني أية مصر؟


يعنى هرم ونيل وناس غلابة وطيبين ؟؟؟؟
يعنى مدنا وجرس وأصحاب أقباط على مسلمين ؟؟؟؟
يعنى شارع يعنى حارة يعنى عطفت شقيانين ؟؟؟؟


مصر هي كلمة ولا و لا معنى في قلبي عايش

مصر هي بسمة ولا و لا حزن في قلبي جايش

يعنى أيه ؟؟




وهنا سكت معتصم برهه بعد ان ارتعش صوته في محاولة منه للسيطرة على مشاعرة التى يبدوا انها قد تحركت من وقع الكلمات على نفسه فأكملت منى بصوت هادىء دون ان تنظر للشاشة فقد كانت تحفظ تلك الكلمات







يعنى بلدك يعنى أرضك يعنى عرض الفلاحين؟؟
يعنى حزنك يعنى فرحك يعنى الأيام والسنين ؟؟؟
يعنى أبنك يعنى بنتك يعنى أم المصريين ؟؟؟


مصر هي كلمة ولا و لا معنى في قلبي عايش

مصر هي بسمة ولا و لا حزن في قلبي جايش


يعنى أيه؟؟




ثم صمتت فأكمل معتز وهو ينظر في عينى معتصم التى قد اوغرورقت بالدموع





يعنى حزنك ولا شجنك ولا ضعف المحتاجين ؟؟
يعنى ظلمه ولا نور ولا ضى السهرانيين؟؟؟
يعنى ظالم ولا جاحد ولا شوية مرتشين ؟؟؟

ولا مصر هي أصل لكل حكمه وكل آية ولا بلدك يا بن بلدي هي مشوار للنهاية

يعنى أيه ؟؟




مش مهم يعني أيه المهم اني بحبك يابلدي







ومع انتهاء اخر حروف كلمات معتز سقطت دمعه حارة من عينى منى ولكنها أبت ان تسقط من عيني معتصم التى جاهدها طويلا ليمنعها من ان تنساب على وجهه وقام متحركا فى محاولة منه ان يخرج نفسه من مشاعر الوطنيه والحنين التى كادت ان تتملكه وقال وهو يتجرع جرعات من الماء وهو واقفا فى المطبخ مشيحا بنظره عنهما :- ( هو ده اللى احنا فالحين فيه شوية كلام وشعارات وطنية لكن فعل مافيش،عمل مافيش،علم مافيش،عدالة مافيش،كرامة مافيش،حرية مافيش،انسانية مافيش،حتى العيش الناس مش لاقياه وتقولولى مصر !!!!!!!! انتوا باين عليكم سذج )







وقبل ان يجيبه احد دق جرس هاتفه الجوال فأقترب من مكتبه ونظر لشاشة الجوال فأبتسم واجاب محدثه على الطرف الاخر قائلا :- ( عصومه حبيبى ، ازيك يا حبيبتى وازى بابا وماما واشرف وعلياء ، انا بخير يا حبيبتى ، ماله صوتك يا عصمت فى حاجة؟ )







ثم صمت برهه ليسمع محدثه على الطرف الاخر ثم قال مندهشا:- ( خالد سعيد مين يا عصمت ؟ ، ايوة ماله دة يعنى ؟ ، الله يرحموا ياستى ، هو من بقيت اهلنا يا عصمت عشان تعيطى يابنتى؟ ، واية الجديد ياعصمت لاهو اول واحد ولا اخر واحد اتظلم واتعذب ومات فى البلد دى ، بطلى سذاجة يا عصمت )







فصمت قليلا وقد تغير وجهه وقال بحدة:- ( انا ياعصمت ماعنديش دم ؟؟ ؟، الو ، عصمت ، يا مجنونة ) ثم قال وهو يلقى الهاتف على المكتب محدثا معتز ومنى ( البت اتجننت باين قفلت السكة فى وشى وبتقولى انت معندكش دم عشان واحد احنا اصلا منعرفوش مات )







فقالت منى مندهشة:- ( هو انت متعرفش خالد سعيد يا معتصم ؟)







فقال بغضب وقد استبد به الغيظ:- ( انتوا محسسنى انكم بتتكلموا عن نيلسون مانديلا مثلا ، لا معرفوش ياستى )







فقال معتز بأسى :- ( دة شاب من اسكندريه عنده 28 سنه ، سحلوه وضربوه قدام الناس بدون ذنب بدون شفقة او رحمة ومات بين ايديهم ورموه فى الشارع )







فجلس معتصم وقد شد الامر انتباهه وقال متسائلا :- ( طب وعملوا فيه كدة لية ؟)







فقالت منى بحزن:- ( كان قاعد فى سيبر نت ودخل مخبرين طلبوا بطايق الناس بحجة قانون الطوارىء واتعاملوا مع الناس بقلة ادب فالولد رفض طريقة المعاملة دى فمسكوه ضربوة لحد مامات فايديهم )







فتحركت على شفتية ابتسامة استهزاء وقال ساخرا :- ( كل ده والناس طبعا بتتفرج وماحدش اتحرك )







فقال معتز :- ( الخوف يا صحبي بيشل الارادة وبيكسر الانسان )







فقال معاتبا :- (يبقى دى بلد نعيش فيها ولا تعاتبنى علشانها انت ومراتك وتدونى دروس فى الوطنية ، دى بلد الظلم والفساد فيها بقى للركب )







فقالت منى بحماس هرد عليك بكلام جيفارا :( أينما وجد الظلم فذاك هو وطني )







فقال متسائلا :- (يعنى اية ؟؟)







فاجابت بعزة :- ( يعنى البنى ادم الشجاع الحر يصنع الحرية والكرامة بنفسه مش توهب لية يا معتصم ، ويبحث عن الظلم ليغيره )







فاكمل معتز مؤكدا :- ( صح يا منى )







ثم قال موجها حديثه لمعتصم :- ( حياة بدون تحديات لا يجب ان نحياها يا بشمهندس امال يبقى اية فايدة نجاحك وعلمك )







فقال معتصم مغيرا دفة الحديث :- ( طب وانتوا عرفتوا قصة خالد سعيد دة منين ؟ )







فقال معتز :- ( من الفيس بوك فى شخص عامل جروب اسمه كلنا خالد سعيد عملوا يوم 7 يونيو تانى يوم وفاة الولد وحكى فيه حكايتة وبيحاول يحول قضيتة لقضية رأى عام وينشرها دوليا عشان الناس تعرف وحق الولد مايروحش هدر )







فقال متسائلا :- ( مين الشخص دة ؟ مالوش اسم يعنى ؟)







فقالت منى :- ( لا مالوش اسم بيدخل باسم ادمن جروب خالد سعيد ماحدش يعرف هو مين ؟)







فسكت مفكرا لبرهه ثم قال :- ( اكيد خايف يعرفوه ويسحلوة زى صاحبه )







فقالت منى مستنكرة :- ( دة مش صاحبة ولا يعرفة لكن بنى ادم وطنى بيحب بلدة وعايز يجيب حق واحد مصرى زيه ، ومن حقة يخفى شخصيتة مؤقتا مدام مجتمعنا مجتمع أمنى ،فدة صح عشان يقدر يحقق هدفة ويجيب حق الولد ، اللي يعمل كده يبقى شخص محترم مايصحش تتكلم عليه كده )







فقال باسما :- ( خلاص خلاص ياستى مغلطناش فى البخاري )







ولكنه اكمل متشككا :- ( ومين قالك انه مصرى اصلا ؟ ولا عربى من الاساس ؟ ولا مهتم فعلا بقضية الشاب مش مجرد تحريض وخلاص ، فى ناس كتير يهمها تعمل مشاكل فى مصر )







فقال معتز ساخرا:- ( ااه نظرية المؤامرة يعني )







فقال معتصم وملامحة تنم على الموافقة:- ( بالظبط )







فقالت منى بهدوء:- ( خالد سعيد شاب اتظلم ولا لا ؟)







فقال معتصم :- ( ماعرفش انا سمعت من وجهة نظر واحدة دايما فى وجهين للعملة يمكن تبقى فى حكاية تانية تبقى عكس حكايتكم)







فقال معتز :- ( اه فى فعلا انة تاجر مخدرات ومسجل خطر ومات باختناق وهو بيبلع المخدرات )







فقال معتصم وعلى وجهه علامات النصر :- ( شوفت بقى )







فالت منى :- ( لا وفى رواية تالتة كمان قالتها مامت خالد يا معتصم انه اتعمل فيه كدة عشان نشر فيديوا بيصور ظابط ومخبرين بيقسموا مخدرات على بعض )







وقبل ان يهم معتصم بالرد تحركت منى وجلست امام جهاز الحاسب لتحرك محرك البحث جوجل باسم خالد سعيد ثم قالت لمعتصم :- ( بص على الصورة دى يا معتصم وبلاش نجادل بعض)







فنظر معتصم للصورة التى تملأ جهاز الكومبيوتر لترسم ملامحة علامات متباينة بين الغضب والاندهاش والالم فقد كانت صورة لخالد بعد موته وتظهر اثار التعذيب عليه جليه فصمت معتصم كثيرا ولم يتحرك ساكنا ثم كتب عبارة كلنا خالد سعيد وادار محرك البحث ليجد الجروب وانضم اليه وشرع يقرا فى محتويات الجروب ليقف كثيرا امام دعوة تطالب كل المشتركين بكتابة عبارة كلنا خالد سعيد على ورقة والتقاط صورة معها وارسالها للجروب







فقال مندهشا :- ( حلوة الفكره دى ، واضح ان فى حد بيفكر بشكل مختلف وايجابي هنا )







فقفزت منى من مكانها قائله :- ( فكرة ايه ؟ )







وتبعها معتز لتتحرك عيونهما على كلمات الدعوة ليفاجأ معتصم ان كلاهما هرول يبحث عن شىء فنظر اليهما باندهاش ليجد معتز يمسك قلما ومنى تمسك اوراق ووجدهما يبتسمان لبعضهما البعض لتتفق عيونهما على ما لم تنطقه شفايفهما










وفى غضون دقائق كان معتز يرسل صورة له مع عبارة كلنا خالد سعيد ويرسل صورة لمنى ايضا مع نفس العبارة ثم قال لمعتصم :- ( تفتكر يا معتصم ممكن الاقي ليك صورة على الجروب مع العبارة دى فى يوم من الايام ؟)







فشرد معتصم قليلا ثم قال بحسم :- ( مافتكرش)







غادر معتز ومنى بعد تلك العبارة تاركين معتصم بمفرده فنظر مرة اخرى لصورة خالد التى تملأ الجروب وبجوارها عبارة شهيد الطوارىء وتنهد تنهيدة حارة وامتلأت عينيه بالدموع ولكنه تلك المرة ترك لها العنان لتنساب وهو يقلب فى صور الشاب الذي مات بدون ذنب فى ريعان شبابة ويقرا كل ما كتب عنه على الشبكة العنكبوتيه (الانترنت)







********************************************




القاهرة-23 يونيو -2010







فى احد احياء القاهرة الراقية التى تقع جغرافيا فى محافظة حلوان وبالتحديد فى حي المعادي جلست فتاة يبدوا من ملامحها انها فى بداية العقد الثاني من العمر امام جهاز حاسب من النوع الشخصي وقد كانت منهمكة فى الكتابة احيانا والقراءة احيانا اخرى ومع كل ضغطة منها على ازرار لوحة المفاتيح كانت تتغير ملامحها لتعبر عما يعتمل بداخلها من غضب وقد كان النقاش يدور على صفحة كلنا خالد سعيد على الموقع الاجتماعي (الفيسبوك) عن المستشار ياسر رفاعي المحامي العام الأول لنيابة استئناف اسكندريه الذي أعلن فى مؤتمر صحفى مفاجئ براءة الداخليه من دم خالد سعيد وعرضه للتقرير المبدئى لنتائج إعادة تشريح جثة خالد الوارد من مصلحة الطب الشرعي وفي وجود اللجنة الثلاثية التي أمر النائب العام بتشكليها و اعلن ان سبب وفاة خالد ليست من الضرب أوالتعذيب ولكن نتيجة إسفكسيا الاختناق بانسداد المسالك الهوائية بجسمٍ غريب عبارة عن لفافة بلاستيكية فيها مخدر البانجو.










عصمت حلمي :- ( التقرير دة معناه ان الموضوع بيطبخ )







راوية الشيخ :- ( واضح كدة ان التقرير عايز يطلع المخبرين براءة ويشوه سمعة الولد )







محمد هنداوي : ( لا ومش بس كدة دول عايزين يقنعوا الناس ان كل اللى حصل من 9 يونيو لحد زيارة ايمن نور لقبر خالد امبارح مجرد كلام فارغ واجندة لقوى سياسية داخل البلد لاحداث بلبله فى الشارع المصري )







ايمن السويفي :- (ااه حلو اوى ومش بعيد كمان يحاكمونا بتكدير السلم والرأي العام )







ليلى الصاوي :- ( يبقى مش حسن عبدالفتاح بس بتاع 6 ابريل اللى قبضوا عليه يوم 13 يونيو فى المنشية دول كمان هيلمونا احنا كمان )







هند علام :- ( يا سلام دة يبقى ال6 شهور اللى خدهم حسن حلوين جنب اللى هيحصل لو الناس صدقت تقريرهم الفارغ دة )







مينا هاني :- ( بس فالحين يقلولك لجنة ثلاثية ومن القاهرة والحياد التام والشفافية الشفافة ، دى حاجة تحزن )







كرم المليجي :- (انا مش عارف الناس دى بتفكر ازاى دى حاجة واضحة زى الشمس الشهود اللى جابوهم مسجلين خطر اصلا وكلامهم ومحاضرهم مفضوحة واللي يعمل كدة يبقى بيخبى او بيداري حاجة)







مريم غطاس :- ( وتفتكروا النائب العام هيسكت ؟؟)







كريم محسن :- ( هو النائب العام راجل محترم ؟ .. بس بلدنا مابتحترمش القضاء ، وامن الدولة والداخلية واضح كدة مسيطرين على كل حاجة ، مدام تقرير زى دة يصدر من الطب الشرعي... والقضاء لية المستندات والتقارير الرسمية ... الراجل هيعمل اية ؟)







عصمت حلمي :- ( هو مايعملش احنا اللى هنعمل وهنفضحهم قدام العالم كله وساعتها مش هيبقى قدمهم اللى انهم يضحوا بالخرفان )







محمود احمد علي :- ( وطبعا الخرفان دول هيبقوا المخبرين )







الأقصر -24 يونيو-2010







فى منطقة من اجمل مناطق العالم التى تجمع بين الماضى والحاضر في آن واحد والتى لا يكاد يخلو مكان فيها من الآثار القديمة التي تعود لآلاف السنين ، عاصمة مصر القديمة فى عهد الامبراطورية ،مدينة طيبة او مدينة المائة باب كما وصفها هوميروس الشاعر الإغريقي في الإلياذة، ومدينة الشمس، ومدينة النور، ومدينة الصولجان، مدينة الأقصر وهو الاسم الذي اطلقه العرب عليها عند الفتح الاسلامي لمصر فكلمة الاقصر هى جمع الجمع لكلمة قصر حيث جمع كلمة قصر (قصور) وجمع التكثير أو جمع الجمع (الأقصر) وذلك نظرا للقصور والمعابد التي بها، وهي تعتبر مشتى سياحي رائع وبؤرة جذب لعشاق الحضارة الفرعونية .







جلس مجموعة من الاصدقاء داخل مركب شراعي يبحر بهم فى نهر النيل الخالد باتجاه معبد الدير البحري وقد كان الحديث يدور عن الدعوة التى اطلقتها القوى السياسية ونشطاء الفيسبوك وصفحات التضامن مع خالد سعيد لمظاهرة فى اسكندريه بعد صلاة الجمعة يوم 25يونيو, واعلان الدكتور البرادعى و ايمن نور و حمدين صباحي الانضمام للمحتجين على كوبري استانلي و بالتزامن معها تنظم و وقفات احتجاجية اخرى فى جميع انحاء مصر الساعة 6:30 و تظل حتى الساعة 8:00 ويرتدي المشاركين فيها ملابس سوداء حداد على روح خالد و للتنديد بالظلم و الاستبداد و أن يسمى هذا اليوم بجمعة الغضب .







قال شاب فى منتصف العقد الثاني من عمره :- ( سمعتوا عن الدعوة اللى على النت اللى مطلعها العيال بتوع الفيسبوك عشان يتظاهروا فى اسكندريه ؟)







فاجابه شاب أخر وهو يقوم بشي بعض الذرة :- ( دة بيقولوا مش فى اسكندرية بس دول عايزنها تبقى فى كل مكان فى مصر )










فرد رجل فى اواخر العقد الثالث من عمره :- ( دى عالم فاضية شكلها ، ماورهمش حاجة ، طول الليل قاعدين على النت يحلموا وتانى يوم الصبح عايزنا نحقق احلامهم )







فاكمل رجلا فى بداية العقد الرابع موافقا :- ( عندك حق مهم لو عندهم مسؤليات وبيت وعيال وفاتورة كهرباء وتلفون وكراريس مدرسة ولبس ومدرسين ، كانوا عرفوا ان الله حق ، بس الحق مش عليهم الحق على اهاليهم اللى سايبنهم )







فقاطعه شاب فى اواخر العقد الثاني :- ( ده مش صحيح يا عم مناع ، الناس دى دماغة مش فاضية ولا دة فراغ ورفاهية مثقفين بالعكس الناس دي بتفكر فيك وفيا )







فقال مناع متهكما :- (ازاى بقى يافالح ؟ )







فرد الشاب فى حماس متجاهلا نبرة التهكم فى رد مناع :- ( لانهم بيدافعوا عن واحد ميعرفهوش ،عن شاب زى وزيك ،اتقتل غدر وظلم ، لا ومش بس اكتفوا بقتله ،لا كمان بيشوهوا سمعته ، يبقى اللى يدافع عن حق المظلوم ويعرض نفسه للاعتقال والمضايقة ويصرف من وقته وماله نعتبره عيل ؟)







فصمت مناع مفكرا ثم اجاب :- ( لا يا علي يبقى راجل جدع وشهم )







فقال احدهم متسائلا :- ( طيب احنا هنا فى الاقصر ماحدش هيطلع ولا يشارك ، احنا ممكن نشاركهم ازاي ؟)







فقال علي مبتسما :- ( مجرد اننا نحترمهم ونقدر عملهم دة فى حد ذاته مشاركة يا محمود )







فاكمل اخر:- ( لا وكمان ندعلهم ان ربنا يوفقهم وينصرهم على العالم الظلمة اللى استباحوا دمنا ورزقنا وافتكروا انها عزبة ابوهم )







فقام علي وقبل رأس المتحدث وقال وهو يحتضنه :- ( الله عليك يا بشمهندس صابر ، ايه ياعم الكلام الجامد دة ، دة انت طلعت ثوري واحنا مش عارفين )







فأجاب صابر بخفة ظل :- ( دى اقل حاجة عندي ، انا بس سايب الرجاله بتوع الفيسبوك ياكلوا عيش ، ومابحبش اتكلم كتير عن نفسي )







فضج المركب بالضحك وقال علي موجها حديثه للمراكبي :- ( وانت ياعم رزق ايه رأيك فى الموضوع ده ؟)







فألتفت اليهم رجل فى أواخر العقد السادس من عمره ترى فى ملامحة اصألة مصر وتشعر ان التاريخ قد حفر فى تجاعيد وجهه نقاطه المضيئه وعلى الرغم من بساطة ملبسة وتعليمه البسيط الا ان الحكمة تجري على شفتيه ولعلها حكمة السنون وخبرة العمر فقال مبتسما وهو ينظر لصفحة النيل :- ( المصيبه يا ولادي ليست فى ظلم الاشرار ولكن فى صمت الاخيار واذا كان ثمن الحرية وكرامتنا فادح فان ثمن الصمت على الاستبداد والذل أفدح ، وما خلقنا الرب لنعيش عيشة الاغنام ولكن لنعمل ونجد ونزرع الارض ونعيش احرارا ما تبقى فينا من عرق ينبض ونفس يدخل ويخرج )







وهنا ساد الصمت فلم يعد هناك مايقال بعد قول الشيخ الحكيم .







القاهرة -25 يونيو- 2010 صباحا – (جمعة الغضب)










اعتاد الدكتور سالم حلمي جراح القلب الشهير ممارسة رياضة المشي يوميا من الساعة السادسة صباحا ولمدة ساعه، بعدها يعود لمنزله ليغتسل ويتناول طعام الافطار مع زوجته الدكتورة أمل المصري طبيبة النساء الشهيرة قبل الذهاب للعمل وعادة يقتصر الافطار عليهما فقط فيعيش معهما فى المنزل ابنتهما الصغيرى فقط ، عصمت طالبة فى السنه النهائية بكلية الاعلام جامعة القاهرة قسم صحافة ولديهما ايضا ابنهما البكر النقيب اشرف وهو متزوج حديثا ويخدم بقطاع السجون بالفيوم ، المهندس معتصم وهو يكمل دراسته العليا بلندن، علياء وهى طبية نساء كوالدتها ومتزوجة منذ عامين من جراح شاب ولديهما طفله تدعى ملك .







وعلى غير المعتاد فى ذلك اليوم فوجىء الدكتور سالم والدكتورة امل بابنتهما الصغرى عصمت مستيقظة مبكرا وتنضم اليهما لطعام الافطار ولكن الملفت بالنسبة لهما وجعل علامات الاندهاش تعتلى وجهيها هى الملابس السوداء التى كانت ترتديها عصمت .







فبادرتها الدكتورة امل متسائلة بانزعاج :- ( ايه اللى انتى لابساه دة يا عصمت ؟)







فقالت وهى تتفادى النظر لوالدها وتحتسى فنجانا من الشاي :- (دى ملابس حداد على مقتل خالد سعيد وتنديدا بالظلم والاستبداد )







فعدل الدكتور سالم من وضع نظارته الطبية والتى اضفت عليه مزيدا من الوقار وقال :- ( مين خالد سعيد ؟)







فقالت عصمت مندفعه :- ( دة شاب قتلوة فى اسكندرية واحنا متضامنين معاه انهاردة )







فقالت الدكتورة امل مندهشة بعفوية:- ( هما مين اللى قتلوة دول ؟ ومتضامنين اية ؟ وظلم اية واستبداد اية يا عصمت ؟)







فقامت عصمت بشرح الامر لوالديها منذ بدايته حتى الدعوة لجمعة الغضب ففال الدكتور طارق بهدوء :- ( الله يرحمه ، بس احنا مالناش دعوة بالكلام دة يا عصمت ، اهتمى بدراستك ومستقبلك ، وخالد مات مش هيستفاد شىء باللى بتعملوه دة )







فقالت عصمت معاندة:- (هو مات لكن احنا عايشين لو سكتنا على اللى حصلة تضمن منين انه مايحصليش او يحصل لعلياء )







فقالت والدتها بثورة الام :- ( انتى جبتى الكلام دة منين ؟ ومين علمك الافكار دي ؟ )







فقالت عصمت مدافعه عن شخصيتها :- (انا مش صغيرة عشان حد ياثر على تفكيرى، انا مش البنت الصغيرة ام ضفاير اللى كنتى بتوديها المدرسة ياماما ، انا ناضجة ومثقفة اتعلمت وبتعلم ، لية دايما شايفنا عيال فى نظركم ؟ ولية مجرد ثورتنا على الاوضاع والحديث فى السياسة بتعتبروه من المحرمات )







فنظر الدكتور سالم لعصمت كثيرا وكانت ملامحة هادئة وان كانت نفسة مندهشة ويتسائل فى داخلة ، اى جيل هذا ؟ ثم ارتشف بعض رشفات من فنجان الشاي ثم قال :- ( يعنى انتى عايزة تنزلى تتضامنى مع الناس هنا فوق كوبرى اكتوبر؟)







فتنحنحت عصمت ثم استجمعت قواها وقالت :- ( لا انا هتضامن معاه فى اسكندرية هنسافر انا وناس صحابى ونقدم واجب العزاء لوالدته ونقف فى مظاهرة سلمية على الكورنيش نعبر فيها قدام العالم كلة عن موقفنا وهرجع )







وهنا لم تتمالك الدكتورة امل نفسها وقالت منفعلة:- ( على جثتى ، واضح ان النت اللى قاعدة علية طول النهار والليل قلبلك مخك ، والحرية اللى ادنهالك وثقتنا فيكى هتخليكى تتصرفى تصرفات حمقاء )







فقالت عصمت وهى تحبس الدموع فى عينيها :- ( انا ياماما مش حمقاء وبصون كويس ثقتكم بس انتوا ماعلمتونيش عشان ابقى مجرد واحدة تعيش وتموت وتتجوز وتخلف عيال وتمشى جنب الحيط وتعمل شوبنج وكل يوم تخرج ، لا دة مش طموحى واعتقد ان المفروض يبقى املكم فيا اكبر من كدة ، اكيد انا مش هعمل شىء ضد ارادتكم ، لكن كمان مش هعمل غير اللى مقتنعه بية )







همت الدكتورة امل للرد الا ان اشارة من يد الدكتور سالم جعلتها تتراجع ثم قال :- ( انا موافق على سفرك ، واحنا بنثق فيكي ، لكن اتمنى انك متخلنيش اندم انى وافقت انك تسافري )







وهنا قفزت عصمت لتحتضن والدها وتطبع قبلة على وجنتية وتبعتها بمجموعة من القبلات لوالدتها وانطلقت لغرفتها ثم خرجت حاملة بعض اللافتات والاوراق وحقيبة يد صغيرة







فقالت والدتها مندهشة :- (اية يابنتى دة ؟ جبتى منين الحاجات دى ؟)







فقالت عصمت بحماس طفولي :- ( انا اللى عملت الحاجات دى ياماما )







وانطلقت باتجاة الباب وفتحتة وقبل ان تخرج عاجلتها والدتها قائلة :- ( لا اله الا الله يا عصمت )







فالتفتت عصمت للداخل وهى ترسم ابتسامة مطمئنه لوالدته :- ( محمد رسول الله يا ماما )







وغادرت تاركة ورائها والديها فى قمة القلق .










الفيوم -25 يونيو- 2010 مساء– (جمعة الغضب)







في منطقة صحراوية تبعد عن مدينة الفيوم بنحو 20 كم على الطريق الذي يربط الفيوم بمدينة بني سويف دق جرس الهاتف فى مكتب النقيب اشرق حلمي نائب مأمور سجن الفيوم فرد بشكل روتينى وهو يراجع كشوف السجناء :- ( اشرف حلمي ، مين معايا ؟ )







وحينما جاءه رد محدثه عاد بكرسيه الى الخلف وهو يصيح ضاحكا:- ( عاطف بيه ، واحشنى يا باشا ، الله يخليك يا عاطف ، اى رياح طيبة خلت أمن الدولة تعبر قطاع السجون )







صمت قليلا ثم قال :- ( ايوة ياعاطف عارف انك بتخدم فى اسكندرية دلوقتى )







ثم اعتدل فجاءة فى كرسيه وقال متسائلا بقلق :- ( ايوة فعلا انا ليا اخت اسمها عصمت ، في حاجة ؟ )







ساد صمت مطبق وهو يستمع لمحدثه على الطرف الاخر ثم اجاب فى غضب:- ( وهى فين دلوقت ؟)







استمع قليلا ثم قال وهو يعدل من جلستة:- ( ايوة طبعا عارف يا عاطف باشا ، ربنا يخليك ، نردهالك قريب كدة ياباشا ، طبعا طبعا اعتبر الموضوع محسوم ، مع السلامة )







واغلق سماعة الهاتف ثم اخذ سيجارة من علبة سجائر على الطاوله أمامه ثم اشعلها واخذ ينفث دخانها فى الهواء ببطء وهو يتحرك فى مكتبة ذهابا وايابا ثم جلس على اريكة فى مقابل مكتبة ووضع احدى ساقية فوق الاخرى وهو يحدث نفسة فى ضيق :- ( مظاهرات يا عصمت ، هى حصلت ، وكمان تشتمى الحكومة والداخلية !!! ، لا وكمان مشيالى مع البرادعى وكل المعارضين دة انتى اكيد اتجننتي )







ومع انتهاء اخر خروف كلماته هب من مجلسة وكأنه تذكر شيئا واتجه الى المكتب وجلس امام جهاز الحاسب الشخصي وتحركت اصابعة بسرعه على لوحة المفاتيح ليدخل على الشبكة العنكبوتية ويدخل الى حسابه الشخصي على موقع الفيسبوك ويكتب اسم الجروب الذي اخبره به صديقه ظابط امن الدوله وهو جروب ( كلنا خالد سعيد) واستجمع حواسه وانتبه للحديث الدائر على الجروب ولم يفاجأه من وجود اسم عصمت بشكل متكرر فى مشاركات وتعليقات لها ،عن احداث اليوم فقد اخبره صديقه وجلس يقرأ ماهو مكتوب امامه .










محمد زغلول :- ( حد من الناس اللى كانت فى وقفة اسكندرية يقولنا اللى حصل ونزلولنا الفيديوهات والصور)










عصمت حلمي:- ( الفيديوهات والصور فى الطريق وهتنزل تباعا ، بس انهاردة يوم تاريخى اكتر من 5 الاف بنى ادم فى وقفة محترمة بتقول لا للتعذيب لا للظلم بتقول كلنا خالد سعيد )







ساميه مختار:- ( بيقولوا بعض النشطاء والدكتور البرادعى راحوا وقدموا واجب العزاء لــ السيدة ليلى مرزوق والدة خالد )







محمد حسين :- ( كل الناس شاركت ،شارك فيها حركة شباب 6 ابريل و الدكتور محمد البرادعي, و المستشار محمود الخضيرى و جورج اسحاق و ايمن نور و حمدين صباحى و مجموعة من قيادات الاخوان المسلمين و حزب الغد و الجميعه الوطنيه للتغير و متظاهرين بيمثلوا تقريبا كل التيرات السياسيه فى مصر و كانت الهتفات تنادي بسقوط الحكومه و محاكمة المسؤلين و سقوط الدولة بوليسية و هتفات ضد قانون الطوارئ و وزارة الداخليه )







عصمت حلمي :- ( منظر مهيب والاعداد الغفيرة على الكورنيش وفوق كوبرى استانلي بملابس الحداد الداكنه ، واقفين وقفة صامتة ، والصمت دة كان ابلغ تعبيرا من اى كلام عن الرفض والتنديد ، وعلى الرغم من وجود الامن بكثافة والتحرشات من اهالى المتهمين لكننا نجحنا نوصل صوتنا للعالم بشكل محترم ومتحضر )










قاسم مندور :- ( عندك حق يا عصمت وعلى الرغم من الحركة الخايبة بتاعت الحزب الوطنى لما طلعوا حوالى 1000 طفل شايلين بلالين و متحاوطين بعربيات بتشغل اغانى وطنيه و حاملين شعارات زى " لا للتدخين ", جنب كوبرى ستنالى, عشان الناس تفتكر وقفتنا الاحتجاجية عشان كدة الا ان كل العالم عرف وصوتنا وصل )










منى الشهاوي:- ( برافو عليكو ياولاد وبنات مصر والله انا هنا فى لندن وعرفت ، انا ومعتز جوزى معاكم وكل المصريين فى بريطانيا بيدعموكم ، بس طمنونى كلكم رجعتوا بالسلامة ولا فى حد اتقبض علية )







نبيل العدوي :- ( فى ناس اضربت وقبضوا على عشرات لما منعونا نروح نعزي والدة خالد سعيد ، مسابوش غير الدكتور البرادعى وناس قليلة تروح لبيته ، أمن غبي )










هنا اغلق النقيب اشرف حلمى شاشة الحاسب وأطفأ سيجارة كانت مشتعلة فى يدة وضغط ازرار هاتفة الجوال وانتظر قليلا قبل ان يقول فى هدوء مغاير لحقيقة مشاعره :- ( ازيك ياماما ، عاملة اية يا حبيبتى، انا بخير الحمد لله ، وازى بابا وعصمت ؟ )







سكت قليلا ثم قال:- ( ايوة مانا عرفت انها كانت فى اسكندرية وكانت فى مظاهرة ، عرفت منين يعنى اية !! انتى ناسية انى ظابط شرطة ياأمي ، لا متقلقيش مافيش حاجة ، بس بلغيها انها متخروجش يوم الخميس انا نازل راحة وهعدى عليكم انا وليلى عشان عايز اتكلم معاها ، يا أمي قولتلك متقلقيش ، مع السلامة )







اغلق الخط وقال محدثا نفسه وهو يعود بكرسيه للخلف :- ( اما نشوف اخرتها معاكي ياست عصمت)







**************************************







القاهرة- 1 يوليو -2010







جلست اسرة الدكتور سالم حلمي فى غرفة الطعام بمنزل العائله لتناول طعام العشاء ولم تخلو الطاولة الا من الدكتور سالم نظرا لارتباطة بمجموعة من الجراحات العاجلة الا انه طلب من الام بابلاغ تحياتة لابنائة وتمنايته ان يستطيع اللحاق بهم قبل ان يغادروا كما لم يكن موجود ايضا الابن الثانى فى الترتيب المهندس معتصم نظرا لظروف دراسته بلندن وبخلافهما لم يتخلف احد عن دعوة الدكتورة امل لتجتمع الاسرة خصوصا مع عودة اشرف من عمله بالفيوم .







وكانت الجلسة تتسم بالود المشوب بالحذر من جهة الام والتحفز من جهة عصمت بعد ان اخبرتها والدتها برغبة اخيها الاكبر فى التحدث معها بخصوص ما جرى بالاسكندرية وعلى الرغم من ذلك حاولت الام ان تكون طبيعية كما ان عصمت تظاهرت بالمرح خصوصا مع ليلى عبدالصبور زوجة اشرف ومع أختها علياء وزوجها الدكتور نضال الشريعي الا ان اشرف كان صامتا طوال الوقت ولم يكن يتكلم الا فى حال وجه اليه احد الحديث .










واثناء ذلك تسائلت علياء قائلة :- ( ماحدش يعرف حاجة عن همت صادق ؟)







فأجابت عصمت قائلة :- ( انا لسة مكلماها انهارة ، هى تمام بس موجودة فى شرم الشيخ في مطعم هناك بتعمل الديكور بتاعه )







فقالت ليلى :- ( والله البنت دى سكر ربنا يوفقها هى ومعتصم )







فقال نضال مازحا :- ( ويفك عقدة اخوكم ويتجوز بقى ،بدل ماهو مقعد البنت جنبة من ايام ثانوي )







فردت علياء وهى تلكزة فى كتفة:- (مالكش دعوة على قلبها زى العسل )







فقالت الدكتورة امل :- ( بس نضال عنده حق، كدة كتير فعلا ،وشكلنا قدام اهلها مش لطيف ،واخوكم دماغة ناشفة ومش عايز يتجوز الا لما يخلص الدكتوراه )







فرد اشرف :- ( خلاص هانت يا ماما كلها 6 او 7 شهور ويناقش الرساله ونجوزه )







فقالت ليلى متشككه :- ( مش عارفه ليه عندى احساس ان معتصم هيطلعلنا بحاجة جديدة بعد الدكتوراة وبردة مايتجوزش )







فقالت عصمت مندهشة :- ( بجد معتصم اخويا دة غريب ازاى يبقى بينهم الحب دة كلة وقادر يبعد عنها كل دة وعمال يأجل فى الجواز )







فردت علياء معترضة :- ( اسكتى انتى ياسوسة مش كفاية اللى عملتيه معاه ، ليكي عين تتكلمى !!!)







فقالت الدكتورة أمل مستفهمة وهى تنظر بتحفز لعصمت :- ( عملت اية ؟)







فقالت علياء :- ( اتصلت بيه فى لندن وقالتلة انت معندكش دم وقفلت السكة فى وشه لما قالها ، احنا مالنا ومال خالد سعيد )







فردت عصمت بحدة :- ( وهو اتصل بقى بيكي يشتكيلك ؟)







فأجابت علياء بغضب :- ( اخوكي مابيشتكيش وانتى عارفة ، هو كان قلقان عليكى وعلى تصرفاتك فسألني عنك ولما زنيت عليه فى الكلام حكالي الموقف اللى حصل بينكم )







فهمت عصمت بالرد الا ان نظرة نارية خرجت من الام باتجاه عصمت جعلتها تتراجع دون ان تتفوه بكلمة وهنا غادر أشرف الطاولة







قائلا :- ( الحمد لله ، ميرسي ياامى )







ثم قال موجهه حديثه لعصمت :- ( لما تخلصى اكلك مستنيكى فى أودة المكتب )







وهنا ساد صمت مطبق وتبعه بقيت افراد الاسرة واحد تلو الاخر وماهى الا دقائق وكانت غرفة المكتب تضم أشرف وعصمت وباقي العائله وأحتدم النقاش .







المنصورة – 1 يوليو -2010







فى قطعه أخرى من ارض مصر وفى نفس التوقيت كان يجلس شاب فى احد مقاهى الانترنت المنتشرة فى جميع احياء مصر وكان المقهى بشارع الجمهورية أشهر شوارع المدينة التى عشقها العالم الدكتور / محمد غنيم وأقول لمن لايعرف من محمد غنيم جهلا منا وليس انتقاصا من قيمة الشخص ،هو محمد أحمد غنيم ولد عام 1938 بالقاهرة ثم انتقل إلى مدينة المنصورة وعشقها وعاش فيها.، درس وتخرج من كلية طب المنصورة قسم طب المسالك البولية،أحد رواد زراعة الكلى بجمهورية مصر العربية والعالم أجمع،أصبح مدير أول مركز متخصص بزراعة الكلى في الشرق الأوسط بمدينة المنصورة.







هو الرجل الذي كتب عنه الاستاذ / ابراهيم حجازى فى الاهرام الاسبوعى مقالا رائعا فى اواخر التسعينات بعنوان ( هل تحال الاهرامات الى المعاش !!) هل يأتى اليوم لنغلق الباب امام السياح لنقول لهم الاهرامات تم تحويلها للمعاش فالدكتور محمد غنيم هرم من اهرمات مصر فهو بمكانته العلميه الجباره بمثابة الهرم ،وهنا قررت الحكومه انذاك التجديد له لثلاث سنوات وهنا قامت مدينه المنصوره عن بكرة ابيها احتفالا وابتهاجا بالتجديد للعالم الجليل .










كان الشاب عمره لا يتعدى الثمانية عشرة عام وكان يجلس يتصفح الاخبار ويتابع ما يجري من احداث وقد انهكه حجم التضارب والاختلاف الشديد فى الاراء والتباين بين الجروبات على الفيسبوك وموضة التخوين السائدة بين الجميع وكان بين الحين والاخر يرد على بعض الرسائل التى ترد اليه من اصدقائة عبر الماسنجر واثناء ذلك سمع بالحديث الدائر بين مجموعة من الشباب الذين يجلسون بجواره داخل المقهى وكان حديثهم حول تقديم المخبرين المتهمين بتعذيب خالد سعيد للمحاكمة .










قال احدهم :- ( شوفتوا بيقولوا على النت انهم حبسوا الاتنين اللى ضربوا خالد سعيد )







فرد اخر:- ( اه امبارح النيابه وجهة ليهم تهمة القبض على مواطن بدون حق و استعمال القوة معاه )







فاكمل شخص اخر فى غضب :- ( بس قرار الاحالة ماجبش سيرة عن التعذيب والقتل )







فتسائل شخص اخر :- ( يعنى اية ؟؟؟ )







فرد نفس الشخص الغاضب :- ( يعنى عايزين يقولوا ان الواد مات لوحده والمخبرين لا ضربوه ولا عذبوه )







فقال احدهم فى تهكم :- ( يااا سلام )







ثم أكمل اخر:- ( اللى مجننى ازاى الطب الشرعي قال انه مفهوش اى حاجة والجثة زى الفل ،الجثة زى النعناع ، هما العالم دى اتعمت مش شايفين الصور )







فرد احدهم :- ( بس والله برافوا عليهم الناس اللى فضحوا الموضوع وعمالين يتظاهرو ويحتجوا لحد ما المتهمين يتحاكموا ، لا يضيع حق وراءه مطالب )







فتساءل اخر:- ( بس تفتكروا الناس دي فعلا بتعمل كدة عشان خالد سعيد والظلم والطوارىء ولا فى سبب تاني )







فرد احدهم :- ( والله مش عارف ، شوية بحس انى نفسى ابقى معاهم ، وشوية بحس انهم عالم فاضية ، وشوية بحس انهم ليهم اغراض شخصية وبين ده كلة الحقيقة مش واضحه )







فهمس احدهم وكأنه يحدث نفسه ولكن بصوت مرتفع :- ( ومين يقدر يقول انه يعرف الحقيقة )







وهنا تدخل شخص من خارج المجموعه تبدوا علية اماراة الثقافة وسعة الاطلاع ويبدوا ان الامر جذب انتباهه فقال بحيويه :- ( كان فى واحد زمان رخم ،بس خدم البشرية جامد ،اسمه السير اسحاق نيوتن قال جمله اللى يفهمها يريح دماغه )







تسائل الجميع فى نفس الوقت :- ( ايه هي ؟)







فقال بهدوء :- (إنني جاهل، لا أعرف إلا حقيقة واحدة هي أنني لا أعرف شيئاً)







وهنا سرح الشاب الذي كان ينصت للحوار دون ان يتدخل واخذ يكرر العبارة فى داخله حتى حسم أمره ،انه يتبع الصواب بغض النظر فى أي الاتجاهات يصب ،ودون ان ينهك عقلة وتفكيرة فى نوايا الناس فلا يمكن ان يدعي احد انه يعرف الحقيقه ، وبمجرد ان استقر هذا الرأي بداخله حتى ضغط ازرار لوحة المفاتيح ليدخل على جروب كلنا خالد سعيد ويشارك فى الحديث الدائر وكانت اول كلماته التى شارك بها فى الجروب







(على الوطنية أن لا تعمي أعيوننا عن رؤية الحقيقة ، فالخطأ خطأ بغض النظر عن من صنعه أو فعله ، رحم الله شهيد الطوارىء خالد سعيد)







منزل الدكتور سالم حلمي - القاهره







مع اكتمال افراد العائلة داخل غرفة المكتب بادر أشرف اخته الصغرى قائلا :- ( انتى سافرتى اسكندرية ليه يا عصمت ؟)







فقالت عصمت بتحد واضح :- ( انت هتحقق معايا ولا اية يا حضرة الظابط ؟)







فنهرتها الام قائلة :- ( بنت !!! )







فقالت عصمت وهى تحرك يدها حركة بلا معنى :- ( سافرت عشان اتضامن مع الوقفة الاحتجاجية للتنديد بالظلم والاستبداد والطوارىء اللى كان من نتائجها اغتيال شاب بدون ذنب )







فرد اشرف وهو يحاول ان يتمالك اعصابه :- ( وانتى اية اللى عرفك انه بدون ذنب ؟ ، ومين قالك ان حد قتله اصلا ، ولا انتى اية علاقتك بيه ، ولا علاقتك بمحمد البرادعى والعيال بتوع 6 ابريل )







فأبتسمت عصمت بسخرية وقالت :- ( اولا مش لازم يبقى من بقية اهلي عشان اقول حرام وبأي ذنب قتل ، ثانيا انا مش تابعة لحد ولا ماشية فى ضل حد ، انا بعمل اللى مقتنعه به بصرف النظر مين معايا ومين ضدي ، ثالثا اللى مايشوفش من الغربال يبقى اعمى ، شوف صوره وانت تعرف، ولا اقولك بلاش صوره ، اسمع كلام الشهود اللى شافوا كل حاجة وانت تعرف ، مش مسجلين الخطر اللى أجرتوهم عشان يخترعوا قصة ملفقة )







ثم قالت بلكنه لم ترق لاشرف :- ( دة اذا كنت عايز تعرف اصلا يا حضرة الظابط ، ولا يمكن عارف وبداري على زمايلك)







فقال اشرف بغضب :- ( انتى مين صورلك ان ظباط الشرطة جلادين ولا ناس مفترية ماشيين يقتلوا فى الناس )







فهمت لتجيبه الا انه اكمل فى غضب:- ( انتوا تعرفوا اية اصلا عن شغل الداخلية ولا اللى بنشوفه عشان انتى واللى زيك تعيشوا فى امان )







ثم اكمل بثورة :- ( تعرفى اية انتى واللى معاكى عن الشهداء اللى بيموتوا كل يوم وماحدش يسمع عنهم ولا كلمة عشان البلد دى يبقى فيها امن ونحميكم من الارهاب والمخدرات اللى بيدمر فى الناس)







ثم تبع كلامه وبنفس الثورة :- ( تعرفى اية عن الناس اللى بتدخل البلد عشان تعمل فتن بين الناس، ولا الناس اللى قاعده برة وبتمول جمعيات هنا عشان ينفذوا اجندات خارجية و يعملوا اضطرابات ويهدوا الاقتصاد ، تعرفي ايه عن الناس اللى ممكن تندس وسطيكم وتخرب وتدمر وتخلي شكلكم ذباله )







فقامت ليلى لتهدأ من ثورته وهى تقول لعصمت معاتبه :- ( عيب ياعصمت دة اخوكى مافيش اجدع ولا أنبل منه وعمره ما ظلم حد ولا عمره افترى على حد ولا اخد شىء مش من حقه )







فقالت عصمت موافقة :- ( وانا عارفه ده كويس لكن صوابعك مش زى بعضها زى مااخويا محترم فى غيرة مش محترمين وبلاش نغمة فئة قليلة اللى وحشة لكن الاكتر كويسن ، المشكلة مش فى الظباط الصغيرين المشكلة فى سياسة الدولة الامنية )







ثم استجمعت ارادتها وقالت :- ( الدولة اللى تعيش 30 سنه بقانون طوارىء تبقى دولة قهر وظلم واستبداد )







فرد اشرف قائلا :- ( قهر ازاي وانتو بتعتصموا فى كل مكان وبتحتجوا فى كل مكان وبتقولوا اللى عايزينة على النت وفى الفضائيات والصحف )







فضحكت عصمت ضحكة عصبية ثم قالت :- ( ااه ونروح بيوتنا من هنا وامن الدولة يلف يلم واحد واحد ، ونقول اللى عايزينة ، والحكومة تعمل اللى هى عايزاه على وزن القافلة تسير والكلاب تعوي )







فقال اشرف مندهشا :- ( ماسمعتش ان امن الدولة جت اخدتك يا عصمت )







فاجابته مغتاظة :- ( ايوة طبعا لان ليا ضهر يكلموك انت ولا يكلموا بابا لكن ناس كتير فى البلد دى ملهاش ضهر ومش من حق اى حد يعاقبها لانها بتطالب بالحرية والعدل ،احنا مش مجرمين عشان تستبيحوا بيوتنا وتروعوا اهالينا وتخطفونا وماحدش يعرف عننا حاجة )







ثم اكملت :- ( ولا انتوا اوصياء علينا عشان كل واحد يختلف معاكم تقولوا اجندات خارجية وتبرروا تصرفاتكم تحت يافطة الامن القومى ومستقبل مصر والاقتصاد المصري وتخدعوا الناس بكلام وتصريحات مضلله وتقولوا للناس مصر بتتقدم بينا ومن أجلك انت )







ثم اكملت قائله :- ( يا حضرة الظابط أتعس أنواع السلطة هى التي تفرض عليك أن تذكرها صباح مساء )







فقالت ليلى :- ( يا عصمت خالد سعيد مش بطل عشان تعملوا ده كله عشانه )







فأومأت عصمت برأسها علامة الموافقه وقالت :- ( فعلا هو مش بطل ولكن الظلم يجعل من المظلوم بطلاً)







ثم وجهت حديثها وهى تنظر الى أشرف :- ( أما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء )







فقالت علياء فى محاولة لتهدئة الموقف :- ( براحة يا عصمت ، البلد مش كئيبة كدة ، مااحنا عايشين كويسين الحمد لله وماحدش لا عمره ضايقنا ولا قبض علينا )







فقالت عصمت بهدوء :- ( تحبى ااقولك السبب يا دكتورة علياء )







فقال نضال بابتسامة هادئة :- ( اية السبب يا ست عصمت جيفارا )







فاجابت فى ثبات :- ( عشان سلبيين )







بعد تلك الجملة ساد صمت فى الغرفة لم يقطعه سوى أشرف حينما أقترب من اخته وقال بحنية صادقة :- ( انا خايف عليكي ياعصمت )







فقالت وقد ملأت الدموع عينيها :- ( عارفه ياأشرف ، لكن بلدنا تستاهل نخاف عليها أكتر ، والنظام يفهم انه بتصرفاته بيمهد الطريق لثورة وبيجر البلد لطريق ماحدش يعرف هيوصلنا لفين )







فقال نضال موافقا :- ( عندك حق يا عصمت ، الديموقراطية مش انهم يسبونى ااقول اللى انا عايزة ، الديموقراطية انهم ينصتوا للى بقوله ويفهموه والا هييجى يوم وهننفجر وساعتها اللى حضر العفريت مش هيعرف يصرفه )







فقالت الدكتور امل بعد صمت طويل :- ( عصمت ، انا مش هستحمل يجرالك حاجة ، ياريت تخلى بالك علينا ومتتصرفيش حاجة تضرنا وتضرك )







فقالت عصمت بتمنى :- ( والله ياماما اللى بنعملة واللى بنطلبة مش كتير دى ابسط الحقوق ... والله مش حاجة وحشة ، دي أسمها الحريه )







فقال نضال مرددا كلمات شاعر الحرية احمد مطر



أنا لا أ كتب الأشعار فالأشعار تكتبني ،


أريد الصمت كي أحيا، ولكن الذي ألقاه ينطقني ،


ولا ألقى سوى حزن، على حزن، على حزن ،


أأكتب أنني حي على كفني ؟


أأكتب أنني حر، وحتى الحرف يرسف بالعبودية ؟


لقد شيعت فاتنة، تسمى في بلاد العرب تخريبا ،


وإرهابا


وطعنا في القوانين الإلهية ،


ولكن اسمها والله ... ،


لكن اسمها في الأصل حرية




ومع اخر حروف كلماته سقطت دمعه حارة من عينى عصمت فسألتها ليلى :- ( بتعيطى ليه يا عصمت )







فأجابت عصمت :- ( دى مش دمعة انكسار ياليلى ، دي دمعه على جثمان الحريه ) ثم غادرت الغرفة ।




******************************




ودائما للحديث بقية لنقص ونروى ونتدبر كيف خرج الثوار من هذا الشعب يطالبون بالحريه ، أي طريق سلكوا ليجدوا انفسهم فى الميدان.... ميدان الحريه .














































هناك 3 تعليقات:

Unknown يقول...

يسعدني ان اكون اول من سجل اعجابه بهذه الروايه الرائعة التي جمعت بين المتعة و الاثارة و المعلومه المفيدة و لمست معني الحريه و كيف انها تكبر في الانسان بدون ارادة منه او تحكم.
اسلام نصر الله في 12/2/2011 بدايه عصر الحريه في مصر

غير معرف يقول...

جميلة ومشوقة جدا

مشمشه يقول...

القصه رائعه ومشوقه جدا ومنتظرين البقيه ياريت مش تتأخر علينا